للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحج واقعًا لمنافع الدنيا، وإنما الحج: الطواف والسعي والوقوف بعرفة والمزدلفة ونحر الهدي وسائر مناسك الحج، ويدخل فيها منافع الدّنيا على وجه التبع والرخصة فيها، دون أن تكون هي المقصودة بالحج، وقد قال الله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨] فجعل ذلك رخصة في التجارة في الحج» (١).

قلت: ولا خلاف بين العلماء في أن المراد بقوله: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ التجارة، وقد سبق.

ومأخذ الحكم: يتعلق بالأمر والأذان السابق، أي: فأذن بالحج ليشهدوا منافع لهم، والأمر يقتضي هنا الإباحة، كما دلت عليه آية البقرة.

* الوقفة الخامسة: مشروعية ذكر الله في الأيام المعلومات؛ لقوله تعالى: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾ وهي معطوفة على قوله: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ﴾ وسبق القول أنّ اللام هنا للتعليل.

والمعنى: فأذن بالنّاس لأجل أن يشهدوا منافع لهم؛ ولأجل أن يذكروا اسم الله في هذه الأيام على ما رزقهم من بهيمة الأنعام.

ومأخذ المشروعية: ما سبق أن الأمر بالإذن للناس يدل على المشروعية، والتي من ثمرتها ومنافعها ذكر الله.

واختلف العلماء في المراد بذكر الله هنا، قال ابن الفرس: «واختلف في ذكر اسم الله ما هو؟ فقيل: هو بمعنى حمده وشكره على نعمته في الرزق، ويؤيده


(١) أحكام القرآن (٥/ ٦٦).

<<  <   >  >>