للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتوفّي بها عن سبعين سنة في يوم [الثلاثاء، الثامن عشر جمادى الأولى] (١) سنة أربع وسبعين وسبعمائة. وكانت جنازته مشهورة كثير [ا] جمعها.

٢٢٥٦ - ابن رائق [- ٣٣٠] (٢)

محمّد بن رائق، الأمير أبو بكر، ابن أبي مسلم.

كان أبوه من أسنّ غلمان المعتضد. وكان حسن العقل والديانة، وأنفذه المعتضد إلى حرب ابن حمدان.

وولي أبو بكر هذا شرطة بغداد للمقتدر بالله بعد قتل نازوك في سنة سبع عشرة وثلاثمائة. ثمّ صرف بمحمّد بن ياقوت في سنة ثماني عشرة. ثمّ أعيد هو وأخوه أبو قاسم إلى الحجبة والشرطة مكان ابن ياقوت في سنة تسع عشرة.

فلمّا قتل المقتدر في سنة عشرين وثلاثمائة، فرّ إلى المدائن في طائفة، ثمّ انحدروا إلى واسط وأقاموا بها. وجرت أمور آلت إلى أنّه استولى على الأهواز وأعمالها.

فلمّا خلع القاهر بالله بالراضي واستوزر أبا عليّ محمّد بن مقلة، بعث إلى أبي بكر بن رائق يستدعيه ليوليه الحجبة. فسار من واسط إلى بغداد حتى بلغ المدائن [ف] لقيه توقيع الراضي بترك الدخول إلى بغداد وتقليده الحرب والمعاون (٣) بواسط، مضافا لما بيده من البصرة وغيرها. فعاد

إلى أعماله، وذلك في سنة اثنتين وعشرين [وثلاثمائة]. فقطع الحمل عن الخليفة، وبعث إليه الوزير ابن مقلة يطالبه فغالطه في الجواب.

وبعث إلى الراضي سرّا: إن استدعي إلى [٢٤٧ ب] الحضرة وفوّضت إليه الأمور وتدبير الدولة، قام بكلّ ما يحتاج إليه من نفقات الخليفة وأرزاق الجند.

فلم يجبه عن ذلك. فلمّا رأى الراضي وقوف الحال عند [هـ]، ألجأته الضرورة إلى أن أرسل إليه بواسط يعرض عليه إجابته إلى ما سأل فيه. فسرّ بذلك، وشرع في تجهيزه للمسير إلى بغداد، فأنفذ إليه الراضي الطائفة الساجيّة (٤)، وقلّده إمارة الجيش، وجعله أمير الأمراء، وولّاه الخراج والمعاون في جميع البلاد والدواوين، وذلك في أوّل ذي الحجّة سنة أربع وعشرين، وأمر أن يخطب له على جميع المنابر، وأنفذ إليه الخلع، فانحدر إليه أصحاب الدواوين والكتّاب والحجّاب، وتأخّر الحجريّة (٥) عن الانحدار. فلمّا استقرّ إليه الذين نزلوا إلى واسط، قبض ابن رائق على الساجيّة ونهب أموالهم وأظهر أنّه فعل ذلك لتتوفّر أرزاقهم على الحجريّة. فاستوحش الحجريّة منه وخافوه واجتمعوا بدار الخلافة ببغداد.

وسار ابن رائق إلى بغداد ومعه بجكم، فخلع عليه الخليفة في آخر ذي الحجّة، وأذعن له الحجريّة، وبطلت الدواوين من ذلك الوقت ببغداد، فلم يبق الوزير ينظر في شيء من الأمور، وصار ابن رائق وكاتبه ينظران في سائر أحوال الدولة. وحملت إليه الأموال فتصرّف فيها برأيه،


(١) زيادة من السيوطيّ ومن غاية النهاية.
(٢) الوافي ٣/ ٦٩ (٩٦٨)، دائرة المعارف الإسلامية ٣/ ٩٢٦.
(٣) المعونة ضريبة خاصّة لتسديد نفقات الحرب (انظر دوزي في عون).
(٤) الساجيّة فيلق من الخيالة أنشأه أبو السّاج أمير الأمراء في الدولة العبّاسيّة (دوزي).
(٥) الحجريّة هم حرّاس الخليفة الأقربون (دوزي).

<<  <  ج: ص:  >  >>