للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأمير بدر الدين بيليك (١) الخزندار نائب السلطنة وإلى الصاحب بهاء الدين ابن حنّا، فكتبا بالإنكار على ابن مشكور، ورسما بإعادة ما أخذه منه إليه.

ومات فجأة بعد خروجه من الحمّام سنة اثنتين وسبعين وستّمائة.

١٦٠٩ - ابن الأكفانيّ [- ٧٤٩] (٢)

محمد بن إبراهيم بن ساعد، شمس الدين، أبو عبد الله، الأنصاريّ، المعروف بابن الأكفانيّ، السنجاريّ المولد والأصل، المصريّ الدار.

فاضل جمع أشتات العلوم، وبرع في علوم الحكمة، خصوصا الرياضيّ، فإنّه إمام في علم الهيئة والهندسة والحساب، يحلّ اقليدس بلا كلفة كأنّما هو ممثّل بين عينيه، يعبّر عنه بعبارة جزلة فصيحة بيّنة واضحة، كأنّه لا يعرف شيئا غيره.

ويحلّ شرح النصير الطوسيّ بأجلّ عبارة. وكان لا يسأل عن شيء في وقت من الأوقات ممّا يتعلّق بالحكمة والمنطق والطبيعيّ والرياضيّ والإلهيّ إلّا ويجيب بأحسن جواب. وأمّا الطبّ، فإنّه كان فيه إمام عصره، وغالب طبّه بخواصّ ومفردات يأتي بها ولا يعرفها أحد، لأنّه كان يغيّر كيفيّتها وصورتها حتّى لا تعلم، وكانت له إصابات غريبة في علاجه.

وأمّا الأدب، فإنّه فريد فيه، يفهم نكته ويذوق غوامضه ويستحضر من الأخبار والوقائع والوفيات للناس قاطبة جملة كبيرة، ويحفظ من الشعر شيئا كثيرا إلى الغاية من شعر العرب والمولّدين والمحدثين والمتأخّرين. وله في الحكمة والأدب

عدّة تصانيف، ويعرف العروض والبديع جدّا. قال الصلاح الصفديّ: وما رأيت مثل ذهنه، يتوقّد ذكاء بسرعة [ما] لها رويّة، وما رأيت فيمن رأيت أصحّ ذهنا منه ولا أذكى. وأمّا عبارته الفصيحة الوجيزة الخالية من الفضول فما رأيت مثلها. كان الشيخ فخر الدين ابن سيّد الناس يقول: ما رأيت من يعبّر عمّا في ضميره بعبارة موجزة مثله [٤٠ أ].

قال الصلاح: ولم أر أمتع منه ولا أفكه من محاضرته، ولا أكثر اطّلاعا منه على أحوال الناس وتراجمهم ووقائعهم ممّن تقدّم وممّن عاصره.

وأمّا أحوال الشرق ومتجدّدات التتار في بلادهم في أوقاتها، فكأنّما كانت القصّاد تجيء إليه، والملطّفات تتلى عليه، بحيث إنّي كنت أسمع منه ما لم أطّلع عليه في الديوان.

وأمّا الرقى والعزائم فيحفظ منها جملا كثيرة، وله اليد الطولى في الروحانيّات والطلاسم وما يدخل في هذا الباب.

ومن مصنّفاته: إرشاد القاصد إلى [أ] سنى المقاصد، وكتاب اللباب في علم الحساب، ونخب الذخائر في معرفة الجواهر، وغنية اللبيب عند غيبة الطبيب، وكتاب كشف الرّين في أمراض العين.

وله نظم، منه قوله [الكامل]:

ولقد عجبت لعاكس للكيميا ... في طبّه قد جاء بالشنعاء

يلقي على العين النحاس يحيلها ... في لمحة كالفضّة البيضاء

وكان له تجمّل في بيته وملبسه ومركوبه من الخيل المسوّمة والبزّة الفاخرة. ثمّ إنّه اقتصر وترك الخيل، وآلى على نفسه أنّه لا يطبّ أحدا إلّا في بيته أو في البيمارستان أو في الطريق. وكانت له اليد الطولى في معرفة أصناف الجواهر والقماش


(١) في الطالع: أيبك.
(٢) الدرر ٣/ ٢٧٩ (٧٤٤)، البدر الطالع ٢/ ٧٩، الوافي ٢/ ٢٥ (٢٧٥)، والترجمة منقولة منه حرفيّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>