للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جماعة من الأمراء [ف] انتدب أغرلو وتمر الموساوي لإثارة الفتنة، وضمن أغرلو أن يقوم بأمور مهمّة [١٩٩ ب] وأن ينزل في عدّة من المماليك إلى اصطبلات الأمراء ويأخذ خيولهم ومماليكهم ثم يقبض عليهم. فلمّا تحالف النائب والأمراء على الاتّفاق طلب أغرلو وقال له: ويلك! أنت أيضا صار لك كلام بين الأمراء؟ - وأمر بأخذ سيفه قتنمّر وأراد أن يشهّر سيفه وقال: من يصل يأخذ سيفي؟ - فصاح النائب بالحجّاب فتناولوا أغرلو بالضرب وحلّوا سيفه وخربوا شاشه (١) وأوجعوه ضربا وحملوه إلى السجن.

فلمّا جلس الملك الكامل شعبان على تخت السلطنة أخرجه وخلع عليه. واستقرّ في الشدّ على عادته فزادت مكانته، واستخدم الولاة والكتّاب في الأعمال بمال مقرّر يحمل لبيت المال. واستجدّ النزول على الإقطاعات التي للأجناد ومقايضة بعضهم بعضا بمال يحمل لبيت المال، وأخرج الإقطاعات لمن يختارها، وجعل المقرّر على الإقطاع نظير عبرته: فمن طلب إقطاعا عبرة مائة دينار حمل مائة دينار. ففسدت حال الأجناد وحال الأعمال والجهات، فإنّه نالها من كان لا يتأهّل لها. وأحدث على الرزق حوادث تحصّل منها مال كبير، وعمل لذلك ديوانا سمّي «ديوان البذل».

فعظمت مكانته عند السلطان وزادت رتبته وكثرت مهابته، وصادر الولاة. فلمّا تولّي تقيّ الدين ابن مراجل نظر الدولة تعاندا، فعزل عن الشدّ. ثم لمّا كانت الفتنة على الكامل قام فيها أيّما قيام، وضرب [٢٠٨ ب] الأمير أرغون الكامليّ في وجهه فجرحه.

ثم لمّا كانت دولة المظفّر تمكّن فيها أيضا تمكّنا

زائدا، وبقي يدخل مع الخاصّكية ويخرج معهم فنفذت كلمته، وأخذ يغري المظفّر بالأمراء حتى قتل الأمير أقسنقر الناصريّ والأمير ملكتمر الحجازيّ، وقبض على عدّة أمراء، فتمكّن أغرلو من أموالهم. وانفرد عند السلطان بالكلام في أمور الدولة كلّها. وجمع طائفة الجراكسة على السلطان وأمّر منهم جماعة. وصار يخلو به ليأخذ رأيه، وأنعم عليه بإقطاع أيتمش عبد الغنيّ وتقدمته، ورسم أن يكون أمير سلاح، وكثرت خلعه عليه وإنعاماته، فعكف الناس كافّة على بابه لقضاء أشغالهم، وخافه أمراء مصر والشام. وأقام على ذلك نحو أربعين يوما وهو يتعاظم ويترفّع. وأخذ يحسّن للسلطان القبض على الأمير أرقطاي نائب السلطنة وحطّ على الجيبغا المظفّريّ وطنيرق، وهما أخصّ من عند السلطان. فبلغهم ذلك عنه، فراسل الخاصّكية والأمراء. وما زالوا بالسلطان يخيفونه عاقبة أمره حتى رسم بإخراجه لنيابة غزّة، وإن امتنع أخذ سيفه، فاغتنموا ذلك وقبضوا عليه في يوم الجمعة خامس عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة بالقصر، وقيّدوه وأدخلوه بيت الأمير جيبغا بالأشرفيّة وقتلوه قبل صلاة الجمعة. ودفن خارج باب القرافة، فخرجت يده من القبر بعد يوم، فأخرجته العامّة وجرّوه بحبل وأرادوا إحراقه تحت القلعة حتى منعوا من ذلك.

وكانت عدّة من قتله في أربعين يوما أحدا وثلاثين أميرا.

٧٩٩ - الأغلب بن سالم التّميميّ [- ١٥٠] (٢)

[٢٠٠ أ] الأغلب بن سالم بن سوادة بن


(١) الشاش: العمامة المدوّرة حول الشاشيّة على الرأس.
(٢) ابن عذاري ١/ ٧٤؛ الاستقصاء ١/ ٥٧؛ وفيات ٣/ ٣٢٢ (ترجمة ابن القطاع الأغلبيّ).

<<  <  ج: ص:  >  >>