للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الخطيب في تاريخ بغداد: كان شديد العناية بعلم القراءات. ورأيت له مصنّفا تشتمل أسانيد القراءات المذكورة فيه على عدّة من الأجزاء، فأعظمت ذلك واستنكرته حتّى ذكر لي بعض من يعتني بعلم القراءات أنّه كان يخلط تخليطا قبيحا، ولم يكن على ما يرويه مأمونا.

وحكى لي [القاضي] أبو العلاء الواسطيّ عنه أنّه وضع كتابا في الحروف ونسبه إلى أبي حنيفة الفقيه. (قال أبو العلاء): فأخذت خطّ الدارقطنيّ وجماعة من أهل العلم بأنّ هذا الكتاب موض [و] ع لا أصل له. فكبر ذلك عليه، وخرج من بغداد إلى الجبل. ثمّ بلغني بعد أنّ حاله اشتهرت عند أهل الجبل وسقطت هناك منزلته.

قال حمزة: مات بآمل سنة ثمان وأربعمائة، ودفن بها.

١٩٩٤ - الوزير أبو الفرج ابن المغربيّ [- ٤٧٨] (١)

محمد بن جعفر بن محمد بن عليّ بن محمد، المغربيّ، ابن يوسف بن بحر بن بهرام بن المرزبان بن ماهان بن باذام بن سامان الحرون بن ملاس بن جاماسف بن يزدجرد بن بهرام بن جور بن يزدجرد، الوزير الأجلّ، الكامل الأوحد، صفي أمير المؤمنين وخالصته، أبو الفرج بن [ ... ] (٢).

... وسار إلى المغرب (٣) وخدم هناك وتقلّبت به الأحوال، فعاد إلى مصر في أيّام الوزير الناصر

للدين الحسن بن عليّ اليازوريّ، فاصطنعه وولّاه ديوان الجيش. وانتمى إلى السيّدة والدة المستنصر بالله واعتنت به.

فلمّا قبض على اليازوريّ وتقلّد الوزارة بعده أبو الفرج عبد الله البابليّ، قبض على ابن المغربيّ في جملة من قبض عليه من أصحاب اليازوريّ واعتقله. فتقرّرت له الوزارة وهو في الاعتقال.

وأخرج وخلع عليه في الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة خمسين وأربعمائة عوضا عن البابليّ. فعفا عنه ولم يتعرّض له ولا لأحد من أصحابه.

ولم يزل في الوزارة إلى أن صرف عنها بأبي الفرج البابليّ في تاسع شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين، فكانت مدّته سنتين وأربعة أشهر وخمسة عشر يوما. وكان الوزراء إذا صرفوا عن الوزارة لم يتصرّفوا. فلمّا صرف ابن المغربي اقترح أن يولّي ديوان الإنشاء، فأجيب إلى ذلك، وأفرد له النظر في ديوان الإنشاء من الوزارة، فصار من بعده منصبا منفردا إلى اليوم، ويقال لمن يليه «كاتب السرّ». فباشر هذه الوظيفة سبعا وعشرين سنة.

وقدم أمير الجيوش بدر الجمالي ودبّر أمر مصر، فاختصّ به. ولم يزل نابه القدر إلى أن مات في [ ... ] سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.

ويقال إنّه أوصى أن يجعل خاتم كان له في إصبعه، فنسي أهله ذلك. فلمّا جرّد ليغسل صارت إصبعه قائمة، فعجب الغاسل من ذلك وذكره لأهله، فتذكّروا ما أوصاهم به وأخرجوا الخاتم فجعلوه في [١٩٠ أ] إصبعه فاستقرّ. وكان على الخاتم [الطويل]:

فإن طابت الأوطان لي وذكرتها ... فإنّ مقيلي برحابك أطيب


(١) الإشارة ٧ ٤٧، النجوم لابن سعيد ٣٥٧، اتّعاظ ٢/ ٣٢٢.
(٢) بياض بقدر ثمانية أسطر.
(٣) في المخطوط: إلى العراق، والإصلاح من الاتّعاظ والإشارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>