للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البركة قدّمت التقادم وجمع على سماطه كلّ من جاء، إلّا أنا لم أحضر، وبقيت في جهة أبكي بكاء أسير قد أخذ من أهله وحيل بينه وبين من يحبّه، [ف] ما بكيت عمري ألذّ من ذلك البكاء.

ثمّ إنّ أباه هدّده بالقيد والحبس إن لم يعد لما كان عليه. فأخبر أبا العبّاس بذلك، فقال: رح لأبيك ولا ترجع تأتي إليّ.

فبكى زمانا ومضى إلى دار أبيه وحبس نفسه في خزانة، وآلى ألّا يأكل ولا يشرب ولا يخرج ولا ينام، أو يعود إلى الشيخ أبي العبّاس. فمكث كذلك ثلاثا، وقد بلغ أباه خبره، فأذن له أن يعود إلى الشيخ، فلم يفعل حتى خرج به ماشيا إلى مسجد الشيخ، وقبّل يده وقال له: يا سيّدي، هذا ولدك، تصرّف فيه كيف شئت، وأودّ لو كنت مكانه.

فقال له: أرجو أن ينفعك الله به.

فأقام عند الشيخ شهرا، يحمل على كتفه كلّ يوم جرّتين [٤٩٨ ب] ماء من بولاق إلى زاوية الشيخ حافيا. وإذا سمع أبوه ذلك يقول: ببركة الله تعالى.

فلمّا مات أبوه، زوّجه أبو العبّاس بابنته، وكانت من الأولياء، لها مكاشفات. فولدت له أولادا وماتت، وهي تقول: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (الفجر: ٢٧، ٢٨). ثمّ مات بعدها أبوها. وأقام الصفيّ خليفته من بعده.

وقال له مرّة: أنت وارثي، وكلّ ما نلته من الحقّ، لا بدّ لك أن تبلغه. وكان ولده طفلا صغيرا يمشي بين يديه. فقال [٣٩٦ ب] لابن أبي المنصور، كما أنّ هذا ولدي من الظاهر، أنت ولدي في الباطن.

وقال: أشهدت عالم النسب، وكان ظهوره لي صورا لطيفة نورانيّة ظهرت لي دفعة واحدة مثل ظهور الشرار إذا خرج من الكور بنفخ النافخ.

فكانت كلّ صورة نورانيّتها في ظهورها، كمثل الشرارة الناريّة في ظهورها، فحننت إلى واحدة منها وحنّت إليّ، وهو الصفيّ.

وتوفّي الصفيّ بالقرافة في يوم الجمعة ثاني عشر جمادى الآخرة سنة اثنتين وثمانين وستّمائة، ودفن برباطه.

وكانت له جماعات يعتقدون بركته ويذكرون له كرامات. وكان يشارك في الفقه. وله كتاب «الرسالة» يتضمّن ذكر جماعة ممّن أدركهم من أهل طريق الله، وفيه فوائد كثيرة، وكتاب «المفاوضات العرفانيّة مع الصورة المسمّاة بالشيطانيّة»، وكتاب «العطايا الوهبيّة في المواهب القطبيّة».

١٢٥٠ - الحسين بن علي السبط [٤ - ٦١] (١)

[٤٩٩ أ] الحسين بن علي بن أبي طالب- واسم أبي طالب عبد مناف، وقيل: اسمه كتينة! - بن عبد المطّلب- ويقال له: شيبة الحمد- بن هاشم- واسمه عمرو- بن عبد مناف- واسمه المغيرة- بن قصيّ- واسمه زيد- بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن


(١) تاريخ الطبريّ ج ٥، العقد الفريد ٤/ ٣٧٦، مروج الذهب ٣/ ٢٤٨، أنساب الأشراف ٣/ ١٤٢، الأغاني ١٦/ ٨٨، تاريخ بغداد ١/ ١٤١، تاريخ دمشق (اختصار ابن منظور) ٧/ ١٢٠ وما يليها، ابن كثير: البداية والنهاية ٨/ ٢٠٥، تهذيب التهذيب ٢/ ٣٤٥ (٦١٥)، أسد الغابة ٢/ ١٨ (١١٧٣). الإصابة رقم ١٧٢٤، دائرة المعارف الإسلاميّة، ٣/ ٦٢٨.
هذا ويوجد قسم من الترجمة (حديث ريّا الحاضنة) في مخطوط ليدن، بين المحمّدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>