للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

درهم رمّوا به الحائط فقد رأيته قد تشعّث.

وقال للرسول: خذ أنت عشرة آلاف درهم لعنائك من بلخ.

فما وضع يده على درهم منها، وأخذ كساءه ووضعه على عنقه، وخرج من عسقلان، فما علمناه عاد إليها. وقال: «ما [١٥ أ] صدق الله عبد أحبّ الشهرة! » وخرج من بيت المقدس فمرّ بمسلحة فقالوا: عبد؟

قال: نعم.

قالوا: ابق؟

قال: نعم.

فذهبوا به فحبسوه بالسجن بطبريّة. فجاء رجل يطلب غلاما له أبق من بيت المقدس. فقالوا له:

«إنّ مسلحة كذا وكذا قد أصابوا غلاما آبقا، فهو في السجن بطبريّة». فذهب إلى السجن فإذا هو إبراهيم بن أدهم. فقال: سبحان الله! ما تصنع ههنا؟

فقال: أنا هنا ما أحسن مكاني!

فرجع الرجل إلى بيت المقدس فأخبرهم، فجاءه الناس من بيت المقدس [وبعثوا] إلى أمير طبريّة فقالوا: إبراهيم بن أدهم ما يصنع في سجنك؟

فقال: ما حبسته.

قالوا: بلى.

فبعث إليه فجاء به فقال له: فيم حبست!

قال: مررت بمسلحة. فقالوا: عبد؟ قلت:

نعم، وأنا عبد الله. قالوا: آبق؟ قلت: نعم، وأنا آبق من ذنوبي.

فخلّى سبيله.

[[إذعان الوحوش له ... ]]

وقال عبد الله بن الفرح القنبريّ العابد: اطّلعت على إبراهيم بن أدهم في بستان بالشام، وهو مستلق. وإذا بحيّة في فمها طاقة نرجس. فما زالت تذبّ عنه حتى انتبه.

وقيل لإبراهيم بن أدهم: هذا السبع قد ظهر لنا.

قال: أرونيه.

فلمّا رآه جاءه وقال: يا قسورة (١)، إن كنت أمرت فينا بشيء فامض لما أمرت به، وإلّا فعودك على بدئك! فولّى السبع ذاهبا يضرب بذنبه.

فعجبوا كيف فهم السبع كلامه. فأقبل عليهم فقال: قولوا: اللهمّ احرسنا بعينك التي لا تنام، واكنفنا بركنك الذي لا يرام. وارحمنا بقدرتك علينا فلا نهلك، وأنت رجاؤنا، يا الله! يا الله! يا الله!

قال خلف بن تميم: فما زلت أقولها منذ سمعتها، فما عرض لي لصّ ولا غيره- وفي رواية: قال خلف: فأنا منذ سمعت هذا أدعو به عند كلّ شدّة وكرب، فما رأيت إلّا خيرا- وفي رواية: أنا أقولها على ثيابي إذا دخلت الحمّام، وعلى نفقتي منذ ستّين سنة أو سبعين سنة فما ذهب لي شيء.

قال نصر بن منصور المصيصيّ أبو محمد: ورد إبراهيم بن أدهم المصيصة فأتى منزل أبي إسحاق الفزاريّ وطلبه، فقيل: هو خارج المدينة.

فقال: أعلموه إذا أتى أنّ أخاه إبراهيم طلبه، وقد ذهب إلى مرج كذا وكذا يرعى فرسه.

فمضى إلى ذلك المرج فإذا أناس يرعون


(١) في الحلية ٨/ ٤: يا أبا الحارث. وهي كنية الأسد. وبعض القصّة في عيون الأخبار لابن قتيبة ٢/ ٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>