للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لو كان معي سيفي ما اجترأت أن ترفع عليّ عمودك.

فأخذه وأتى به أبا العبّاس، فأمر به فقطعت يداه ورجلاه وصلب.

وخرج على أبي مسلم ببخارى شريك بن شيخ المهريّ وقال: «إنّما بايعناكم على العدل ولم نبايعكم على سفك الدماء والعمل بغير الحقّ».

فاتّبعه أكثر من ثلاثين ألفا. فبعث إليه أبو مسلم زناد بن صالح قبل قتله بسنة أو نحوها- ويقال:

بعث غيره- فحاربه فأوقع بأصحابه وقتله.

وكان سلم بن قتيبة بن مسلم على البصرة من قبل يزيد بن عمر بن هبيرة، فلمّا حصر ابن هبيرة وظهر أمر المسوّدة، كتب سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلّب بن أبي صفرة إلى أبي سلمة الخلّال: «إن ولّيتني البصرة أخذتها لك». فكتب إليه بولايتها فسوّد، وجرت بينه وبين سلم مراسلات آلت إلى أن يقيما على هيئتهما حتّى ينظرا ما يصنع ابن هبيرة والمسوّدة. فبلغ ذلك أبا سلمة، فكتب إلى بلج بن المني بن مخرّبة (١) العبدي: إن قاتل سفيان سلما وإلّا فأنت أمير البصرة!

فأعلم بلج سفيان ذلك فقال: لا، بل أقاتل.

فأمسك بلج عن تولّي البصرة.

فكتب أبو سلمة إلى الصمّة بن دريد بن حبيب بن المهلّب بعهده على البصرة. فحرّك ذلك سفيان بن معاوية، وحارب سلم بن قتيبة فانهزم.

وأقام سلم بالبصرة نحوا من شهرين، ثم شخص إلى البادية، وكتب إلى أبي العبّاس ببيعته فأمّنه، وكتب عهد سفيان على البصرة باستشارة أبي سلمة. فلمّا قتل أبو سلمة الخلّال أمر أبو العبّاس

بعزل سفيان وقال: «هو من عمّال الناكث أبي سلمة». وولّى البصرة عمر بن حفص بن هزارمرد. ثم ولّى سليمان بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس.

واجتمع لأبي العبّاس في سنة ستّ وثلاثين [ومائة] فتح السّند وإفريقيّة، ومكاتبة صاحب الأندلس. [٨٢ أ] فقال لبعض عمومته: سمعت أنّه إذا جاء فتح السند وإفريقيّة مات القائم من آل محمّد؟

فقال له: كلّا!

فما برح حتّى دعا بدواج (١*) لقشعريرة أصابته، وهاج به الدم. فأشار عليه الأطبّاء بالفصد فلم يقدم عليه فحمّ. ثم خرج به الموم (٢*) فكان يتقلّب فيبقى جلده على الفراش. فقال له بعض عمومته:

كيف أصبح أمير المؤمنين؟

فقال الطبيب: أصبح صالحا بحمد الله!

فسلت (٣*) ذراعه بيده فتناثر لحمه وقال: كيف يكون صالحا من هذه حاله؟

[وفاة السفّاح]

وتوفّي بالأنبار يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة ستّ وثلاثين ومائة، وهو ابن ستّ وثلاثين سنة أو نحوها. ومولده في ربيع الآخر سنة أربع ومائة. فكانت خلافته أربع سنين وثمانية أشهر وأيّاما. وصلّى عليه عيسى بن عليّ- وقيل: عيسى بن موسى.

وكان آخر ما تكلّم به أن شهّد ثم قال: إليك يا ربّي، لا إلى النار!

وكان طويلا أبيض أقنى ذا شعر أسود جعد،


(١) الشكل في المخطوط.
(١*) الدواج: معطف كبير.
(٢*) الموم: الحمّى.
(٣*) سلت (وزن ضرب ونصر) الشيء: قطعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>