للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العرب حتّى صدّقوه، واطمأنّوا إليه فبايعوه. وقام بأمره مرغم بن صابر بن عسكر أمير دبّاب، وجمع العرب، ونازلوا طرابلس، وبها يومئذ محمد بن عيسى الهنتاتي المعروف ب «عنق الفضّة» فلم ينالوا منها الغرض. فرحلوا إلى مجريس (١) فأوقعوا بهوّارة وجبوا الماية وزواوة وزواغة ونفوسة وغيرهم. ثمّ زحف إلى قابس فبايع له عبد الملك بن مكّي في شهر رجب سنة إحدى وثمانين وستّمائة، وأعلن بخلافته ونادى في قومه، واستقدم له بني كعب بن سليم فأتوه. وبعث إليه أهل جربة والحامّة وقرى نفزاوة ببيعتهم. ثمّ زحف إلى توزر وبلاد قسطيلية فأطاعوه. ثمّ مضى إلى قفصة فبايعه أهلها. وعظم أمره وعلا صيته.

فبعث السلطان أبو إسحاق إبراهيم بن أبي زكريا يحيى بن عبد الواحد العساكر من تونس مع ولده الأمير أبي زكريا يحيى، حتى [إذا] بلغ إلى قمّودة، انتقض عليه من معه وعاد، والدعيّ في إثره من قفصة إلى أن نزل بالقيروان. فبايعه أهلها وأهل المهديّة وصفاقس وسوسة. فاضطرب أمر السلطان بتونس، وخرج لقتاله، فتسرّب من معه ولحقوا بالدعيّ. ففرّ إلى بجاية في خواصّه وأهله.

ودخل الدعيّ تونس في شوّال منها. وقلّد موسى بن ياسين وزارته، وأبا القاسم أحمد بن الشيخ حجابته. وقبض على عدّة من الأعيان وأخذ أموالهم وقتلهم. وصرف همّته إلى غزو بجاية.

وكان أبو إسحاق لمّا وصل إليه، انتقض عليه ابنه أبو فارس عبد العزيز ودعا لنفسه، وزحف لقتال الدعيّ. فخرج إليه الدعيّ في صفر سنة اثنتين وثمانين [وستّمائة] ولقيه على مرماجنّة (٢)

في ثالث شهر ربيع الأوّل، وقاتله عامّة نهاره.

فقتل أبو فارس ونهب عسكره، وقتلت إخوته جميعا صبرا، وحملت رءوسهم إلى تونس فنصبت على السور. وعاد الدعيّ مظفّر [ا].

فكثرت وطأته على العرب، لكثرة وقائعه فيهم. فبايعوا الأمير أبا حفص عمر ابن أبي زكريا يحيى بن عبد الواحد في ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين [وستّمائة]، وقام بأمره أبو الليل ابن أحمد أميرهم. فتخيّل الدعيّ من أهل دولته، وقبض على جماعة منهم واستصفى أموالهم وقتلهم، فمقته الناس.

وخرج من تونس يريد قتال أبي حفص، وأرجف به، فرجع منهزما. واستولى أبو حفص على البلاد وزحف على تونس. فخرج إليه الدعيّ وقاتله أيّاما، والناس يتخلّون عنه حتّى فرّ. ودخل أبو حفص البلد واستولى عليها في رابع عشرين شهر ربيع الآخر منها. وتطلّب الدعيّ حتّى وجده بدار بعض السوقة (٣). فأوقف بحضرة الملإ ووبّخ، وسئل عن أمره فاعترف أنّه دعيّ فعذّب، ثم قتل، وطيف برمّته (٤) ونصف رأسه.

فكانت مدّة تملّكه سنة وستّة أشهر.

٦٣٥ - الإمام أبو طالب اللخميّ [٤٩٤ - ٥٧٨]

[٣٣ أ] أحمد بن مسلم بن رجاء بن جامع بن منصور بن الحسين بن زياد بن المطهّر، التنوخيّ، الفقيه، الإمام أبو طالب اللخميّ- ويسمّى أيضا خليفة.


- سنان بتونس الحاليّة. ولعلّه فجّ الأخيار (انظر ترجمة أبي عبد الله الشيعيّ).
(١) لم نجد هذا الموقع. وعند ابن خلدون: إلى بحر بين الموطنين بزنزور. واكتفى الزركشي بقوله: ثمّ رحل عنها.
(٢) عند الزركشي ٤٨: دارت الوقعة بفجّ الأبيار قريبا من قلعة-
(٣) قال ابن خلدون ٦/ ٣٠٥: يعرف بأبي قاسم القرمادي.
(٤) بشلوه عند الزركشيّ ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>