للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى وجه أبان إلّا ذكرت الموت- ورفع به جدا- وقال: كان من الورع والزهد في غاية.

وقال محمد بن فطيس عنه: الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة. طلبه الأمير محمد للقضاء فهرب واختفى بعد أن حكم يوما واحدا مكرها. فأمّنه الأمير ثمّ ولّاه الصلاة بقرطبة.

وتوفّي [٦٩ أ] يوم الجمعة نصف ربيع الآخر سنة ثنتين وستّين ومائتين.

وسئل عن رجل بنى غرفة، فأراد أن يفتح بابها إلى مقبرة المسلمين، فقال: لا يجوز ذلك.

٤٠٢ - أتريب بن قبط (١)

أتريب بن قبط بن مصر بن بنصر بن حام بن نوح، عليه السلام.

كان قد انتقل إلى جيزة بعد موت أبيه قبط، وسكن بمدينة أتريب التي بناها له أبوه، وكان طولها اثني عشر ميلا، ولها اثنا عشر بابا. وفي شارعها الأعظم ثلاث قباب على عمد عالية، إحداها في وسط المدينة، وقبّتان في طرفها.

وعمل على كلّ باب من أبواب المدينة ركنا عليه مرقب كبير، وفي كلّ ناحية منها ملعب، ومجالس، ومنتزهات تشرف على ما تحتها. وشقّ في غربيّ المدينة نهرا وعقد فوقه قناطر، وركّب عليها مجالس، وبنى على النهر منازل متّصلة، ومن ورائها رياض، وبساتين من وراء تلك الرياض.

وعمل على كلّ باب من أبواب المدينة أعجوبة من تماثيل وأصنام، وفي داخله صورة شياطين من صفر. فإذا قصدها أحد من الأخيار، قهقه أحدهما

من ذات اليمين. وإذا قصدها شرّير قهقه الذي على اليسار.

وسرّح في الرياض المزروعة الوحوش الآلفة والطيور المغرّدة. وأقام على قباب المدينة صورا تصفّر عند هبوب (٢) الرياح، وعمل بها مرآة ترى فيها ملاعب وأصناما كثيرة في هيئات مختلفة.

وعمل في وسطها بركة لا يمرّ بها طائر إلّا سقط عليها، فلا يزال حتّى يؤخذ.

وجعل لها حصنا واثني عشر بابا، على كلّ باب تمثال فيه أعجوبة، وعمل حولها أجنّة. وبنى أيضا في شرفها مجلسا على ثماني أساطين، وفوقه قبّة عليها طائر منشور الجناحين يصفّر كلّ يوم ثلاث تصفيرات: بكرة، وعند انتصاف النهار، ووقت غروب الشمس.

وأكثر من عمل الأصنام والعجائب، وبناء المدائن والعمارات.

وأقام رجلا يقال له برسان لعمل الكيمياء.

وضرب منها كلّ دينار سبعة مثاقيل، ونقش عليه صورته.

ومات عن خمسمائة سنة من عمره، منها مدّة ملكه ثلاثمائة وستّون سنة.

ودفن في ناووس بالجبل الشرقيّ، وحفر له سرب، وبطّن بالزجاج والمرمر، وجعل على سرير من الذهب مرصّع بالجواهر. وعملت أمواله وذخائره عنده. وأقيم على باب الناووس صورة تنّين. فإذا دنا أحد أهلكه. وأهالوا عليه الرمال وزبروا (٣) اسمه وتاريخه.

وملكت بعده ابنته خمسا وستّين سنة، وماتت فقام بعدها أخوها فليمون ابن أتريب.


(١) في مروج الذهب ٢/ ٨٦ (٨٠٨): أتريب بن مضر.
(٢) في المخطوط: هبور.
(٣) كتبوا أو نقشوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>