للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعزمه أن يطلّقها، فطلّقها. فعدل الناس عليه يعزّونه عنها، فكان فيمن أتاه عمرو بن عتبة بن أبي سفيان. فأوقع الحجّاج بخالد فقال: كان الأمر لآبائه فعجز عنه حتى انتزع منه.

فقال له عمرو بن عتبة: لا تقل ذا أيّها الأمير، فإنّ لخالد قديما [ما] سبق إليه وحديثا لم يغلب عليه (١)، ولو طلب الأمر لطلبه بحدّ وجدّ، ولكنّه علم علما فسلّم الأمر إلى أهله.

فقال الحجّاج: يا آل أبي سفيان، أنتم تحبّون أن تحلموا، ولا يكون الحلم إلّا من غضب، فنحن نغضبكم في العاجل ابتغاء مرضاتكم في الآجل.

ثمّ قال الحجّاج: والله لأتزوّجنّ من هي أمسّ منها به رحما، لم يمكنه فيه شيء (٢).

فتزوّج أمّ الجلاس بنت عبد الله بن خالد بن أسعد.

[[اشتغاله بالكيمياء]]

ويذكر أنّ من جود خالد أنّه قيل له: لقد جمعت أكبر شغلك في طلب الصنعة؟

فقال: ما أطلب بذاك إلّا أن أغني أصحابي وإخواني. إنّي طمعت في الخلافة فاختزلت دوني، فلم أجد منها عوضا إلّا أن أبلغ آخر هذه الصنعة، فلا أحوج أحدا عرفني يوما أو عرفته إلى أن يقف بباب سلطان رغبة أو رهبة.

ويقال إنّه صحّ له عمل الكيمياء، وله في ذلك عدّة رسائل وكتب. وله شعر كثير في هذا المعنى يبلغ نحو خمسمائة ورقة. ومن كتبه فيها (٣):

كتاب الخرزات. كتاب الصحيفة الكبير. كتاب الصحيفة الصغير. كتاب وصيّته إلى ابنه في الصنعة [٤٣٧ أ].

ويقال إنّ ملك الصين كتب إلى معاوية بن أبي سفيان: أمّا بعد، فإنّي قد أرسلت إليك هديّة وليست بهديّة، ولكنّها تحفة. فابعث إليّ بما جاء [به] نبيّكم من حلال وحرام (٤)، وابعث من يبيّنه لي والسلام.- وكانت الهديّة كتابا من سرائر علومهم، فصار إلى خالد بن يزيد بن معاوية، وكان يعمل منه الأعمال العظيمة من الكيمياء وغيرها.

ويقال إنّه هو الذي وضع ذكر السفيانيّ وكثّره، وأراد أن يكون للناس فيهم مطمع حين غلبه مروان بن الحكم على الملك.

وذكر الزبير قال: حجّ خالد بن يزيد بن معاوية سنة قتل الحجّاج بن يوسف عبد الله بن الزبير.

فخطب رملة بنت الزبير، فبلغ ذلك الحجّاج فأرسل إليه حاجبه وقال له: قل لخالد: ما كنت أراك تخطب إلى آل الزبير حتى تشاورني، ولا كنت أراك تخطب إليهم وليسوا لك بأكفاء. وقد قارعوا أباك على الخلافة ورموه بكلّ قبيح.

فأبلغه الرسالة. فنظر إليه خالد طويلا ثمّ قال:

لو كانت الرسل تعاقب لقطّعتك آرابا ثمّ طرحتك على باب صاحبك. قل له: ما كنت أظنّ أنّ الأمور بلغت بك أن أشاورك في مناكحة قريش. وأمّا قولك أن ليسوا لك بأكفاء، فقاتلك الله يا حجّاج:

يكون العوّام كفؤا لعبد المطّلب يزوّجه صفيّة، ويتزوّج رسول الله صلّى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد، ولا تراهم أكفاء لآل أبي سفيان؟ وأمّا قولك: قارعوا


- الكفويّ (وجابر توفّي سنة ٢٠٠ هـ).
(١) في العقد ٦/ ١٢٢ العبارة أوضح: لو طلب بقديم لم يغلب عليه، أو بحديث لم يسبق إليه.
(٢) في المخطوط: من هو- وفي النصّ نقص.
(٣) هنا حاشية بخطّ مغاير تقول: نصّ على خلاف المشهور من أنّ أوّل مصنّف في الإسلام جابر بن حيّان الصوفيّ-
(٤) في المخطوط: بما جاء بينكم من حرام وحرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>