للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله عليهم جندا من البعوض فأعمى أعين الدوابّ ودخل خياشيم الرجال حتّى ماتوا، وأبقى الله نمروذ، وقد دخلت خيشومه بعوضة فسكنت دماغه حتى كان أحبّ الناس إليه من ضرب رأسه ليكفّ عنه أكل البعوض. ثمّ هلك بعد ذلك.

فأوحى الله تعالى إلى إبراهيم بهلاك نمروذ وجنوده. فرفع من مدين إلى مصر فدخلها ليمتار منها، وكان معه ثلاثمائة رجل، وعلى مصر يومئذ عمرو بن امرئ القيس بن سابليون بن سبأ، وهو عبد سعلس بن يشحب بن يعرب بن قحطان.

فبلغه قدوم إبراهيم فاستدعاه وأكرمه. ثمّ بلغه جمال سارة امرأة إبراهيم فأمر بإحضارها. فلمّا عاينها افتتن بها وراودها عن نفسها فمنعها الله منه وقبض يده عنها، فردّها إلى إبراهيم وأخدمها هاجر. وسار إبراهيم من مصر.

ويروى أنّه لمّا نجّى الله إبراهيم من النار خرج هو وأبوه وسارة زوجته ولوط ابن أخيه إلى حرّان، فأقام بها خمس سنين. فأوحى الله إلى إبراهيم أن اخرج إلى الأرض المقدّسة التي أجعلها لنسلك وأبارك فيها (١) وأعظّم اسمك. فسار ومعه لوط.

وكان عمر إبراهيم عند ما هاجر من حرّان خمسا وسبعين سنة. وخرجت معه سارة وجميع مواشيهم وخدمهم، فنزل بهم حيث مدينة القدس. فبنى عند الصخرة مذبحا لله. وكان بالأرض حينئذ غلاء ومجاعة، فتوجّه إلى مصر.

وعند ما دنا منها قال لسارة: إنّك امرأة حسناء، فإن رآك المصريّون يقولون: امرأته، فيقتلونني ويأخذونك. قولي: إنّي أخته! .

فلمّا دخل مصر رأى أهل مصر سارة وما هي عليه من الجمال. فوصفت لفرعون.

وذكر إبراهيم بن وصيف شاه أنّ فرعون إبراهيم اسمه طوطيس بن ماليا بن خربتا بن ماليق بن تدارس بن سبأ، وقد ذكر في موضعه من هذا الكتاب (٢)، وذكرت سارة وما كان من خبرها مع طوطيس، وكيف أخدمها هاجر.

ثمّ إنّ إبراهيم عليه السلام لمّا ردّ الله إليه سارة خرج بها من مصر بعد ما أقام بها ثلاثة أشهر، وقد أعطتها حوريا ابنة طوطيس [ها] جر وزوّدتها بسلال من جلود فيها زاد، وجعلت تحت الزاد جواهر وذهبا مصوغا مرصّعا. وكان ذلك من حوريا حيلة احتالت بها: فإنّ إبراهيم عليه السلام كان قد ردّ عليهم المال الذي حملوه إليه، فيقال:

إنّه لمّا أمعن في السير أخرجت سارة بعض تلك السلال، فرأت الجواهر والحلي. فلمّا أعلمت إبراهيم به باع بعضه وحفر من ثمنه البئر التي يقال لها: بئر سبع [٥ أ] بالقرب من غزّة، وجعلها سبيلا. وفرّق بعضه في وجوه البرّ. وكان يضيف كلّ من مرّ به. وكثر ماله من الذهب والفضّة والمواشي. فأمر ابن أخيه لوطا أن يتحوّل بمواشيه عنه خشية أن تقع المشاجرة بين رعاتهما. فسار لوط من أرض المقدس ونزل أرض سدوم، وكان من خبره ما ذكر في ترجمته من هذا الكتاب (٣).

[[نزوله بحبرون]]

ونزل إبراهيم حبرون وهي التي تعرف اليوم ببلد الخليل. فكانت حروب بين ملك سدوم ومن جاوره، فأخذت مواشي لوط. فلمّا بلغ ذلك إبراهيمسار في ثلاثمائة وثمانية عشر رجلا إلى دمشق، وقاتلهم وهزمهم وردّ مواشي لوط إلى سدوم. فتلقّاه ملك سدوم وبالغ في كرامته فلم يقبل منه شيئا، وعاد إلى حبرون.


(١) في المخطوط: فيك.
(٢) انظر ترجمته في الجزء الرابع رقم ١٤٢٦.
(٣) ترجمة لوط: لعلّها في الحروف المفقودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>