للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٧٧ - حمزة ابن اللبّاد «هادي المستجيبين» [- ٤١٠] (١)

[٤٧٥ أ] حمزة بن أحمد اللبّاد، الملقّب «هادي المستجيبين»، الزوزنيّ، العجميّ.

ظهر في أوّل سنة عشر وأربعمائة، وأظهر الدعاء إلى الحاكم بأمر الله أبي علي منصور، وصرّح بحلول الإله سبحانه فيه، ولازم الجلوس في المسجد الذي كان عند سقاية ريدان بظاهر القاهرة خارج باب النصر، وتلقّب بهادي المستجيبين. فاجتمع إليه جماعة من غلاة الإسماعيليّة. وصار الحاكم إذا ركب إلى تلك الجهة خرج إليه من المسجد وانفرد به، ووقف الحاكم له راكبا فيحادثه طويلا.

واستمرّ الأمر على ذلك إلى اليوم الثاني عشر من صفر سنة عشر وأربعمائة: فاجتمع جماعة من أصحاب حمزة على خيول وبغال، ودخلوا الجامع العتيق بمصر، وهم معلنون بمذهبهم. فثار العوامّ وقتلوهم شرّ قتل. فحنق الحاكم على أهل مصر وسلّط العبيد فأحرقوا مصر.

وذكر بعضهم أنّ محمد بن إسماعيل الدرزيّ العجميّ الداعي- وبعضهم يسمّيه آنوش تكين- قدم إلى مصر في سنة ثمان وأربعمائة، واتّصل بالحاكم. فدعا الناس إلى القول بإلهيّة الحاكم وأعلن بذلك. فثار به رجل من الأتراك وقتله.

وثارت بسببه فتنة مدّة ثلاثة أيّام قتل فيها جماعة من الدرزيّة. فظهر [٤١٤ أ] بعد ذلك حمزة بن أحمد العجميّ الداعي وتلقّب بالهادي وسكن مسجد تبر ودعا الناس إلى مقالة الدرزيّ المقدّم ذكره، وبثّ عدّة دعاة بأرض مصر والشام، ودعا إلى الرخصة والإباحة، وفسح في نكاح المحارم من الأمّهات والبنات والأخوات، وأسقط

التكاليف الشرعيّة من الصلاة والصوم والحجّ، فاستجاب لدعاته خلق كثير.

وعني الحاكم بحمزة هذا. فخاف حمزة على نفسه واستدعى من الحاكم بسلاح كثير علّقه على باب المسجد، فارتفع قدره، واتّخذ له خاصّة لقّبهم بألقاب عديدة. فلقّب أحدهم ب «سفير القدرة» وجعله رسوله في أخذ البيعة على الأعيان. فلم يقدر أحد على مخالفته.

ومن حمزة هذا ظهر مذهب الدرزيّة واشتهر بوادي التيم وشرق صيدا وجبل بيروت وما جاوره من بلاد الشام.

وقال الحافظ أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتّانيّ في كتاب الوفيات (٢): قال شيخنا هبة الله (٣): ثنا أحمد بن محمد بن الأكفانيّ الدمشقيّ [ثنا] أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغداديّ الحافظ إجازة ونقلته من خطّه، قال (٤): ظهر في آخر أيّام الحاكم رجل سمّى نفسه «هادي المستجيبين» وكان يدعو إلى عبادة الحاكم. وحكي عنه أنّه [٤٧٥ ب] سبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبصق على المصحف، وسار في البوادي يدعوهم، إلى أن قتله الله بمكّة: فكتب رجل من الصوفية كان يكنّى أبا الوفاء من مكّة إلى أبي الفتح بن أبي الفوارس البغداديّ الحافظ يشرح له قصّة قتله، وذلك في سنة عشر وأربعمائة. فذكر أبو الوفاء في كتابه أنّ المسمّى بهادي المستجيبين وصل إلى مكّة واجتمع مع أبي الفتوح أميرها فنزل عليه. فرآه المجاورون يطوف بالكعبة. فمضوا إلى


(١) الأعلام ٢/ ٣١٠ - دائرة المعارف الإسلامية ٣/ ١٥٧ - اتّعاظ ٢/ ١١٣ - النجوم ٤/ ٢٤٩.
(٢) الكتّاني (ت ٤٦١): أعلام النبلاء ١٨/ ٢٤٨، ولم يذكر له كتاب الوفيات.
(٣) هبة الله بن أحمد بن محمد الأكفانيّ له ترجمة في أعلام النبلاء، ١٩/ ٥٧٦ (٣٣٠) ت ٥٢٤.
(٤) لم نجده في تاريخ الخطيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>