(٢) هذا الشاهد على التعسّف المذهبيّ لم يذكره ابن حجر في ترجمة قاضي القضاة. وعلى العكس، نجد عند ابن خلدون شيخ المقريزي كما يقول صاحب المقفّى، نصّ رسالة من الحاكم إلى رعاياه هي مثال في التسامح المذهبيّ وإقرار لحريّة الناس في معتقدهم وطقوسهم. وجاءت الرسالة كردّ فعل من الخليفة الفاطميّ واستنكار منه لسلوك «جماعة من الروافض تعرّضوا لأهل السنّة في التراويح بالرجم، وفي الجنائز. فكتب في ذلك سجلّا قرئ على المنبر بمصر، كان فيه: «أمّا بعد، فإنّ أمير المؤمنين يتلو عليكم آية من كتاب الله المبين: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ [البقرة: ٢٥٦]. مضى أمس بما فيه، وأتى اليوم بما يقتضيه. معاشر المسلمين، نحن الأئمّة وأنتم الأمّة. ألا من شهّد الشهادتين أحقّ أن لا تحلّ له عروة، ولا توهن قوّة بين اثنين تجمعهما هذه الأخوّة، عصم الله بها من عصم، وحرّم لها ما حرّم، من كل محرّم، من دم ومال ومنكح. الصلاح والإصلاح بين الناس أصلح، والفساد والإفساد من العباد يستقبح. يطوى ما كان فيما مضى فلا ينشر، ويعرض عمّا انقضى فلا يذكر، ولا يقبل على ما مرّ وأدبر، من إجراء الأمور على ما كانت عليه في الأيّام الخالية، أيّام آبائنا الأئمّة المهتدين، سلام الله عليهم أجمعين، مهديّهم بالله، وقائمهم بأمر الله، ومنصورهم بالله، ومعزّهم لدين الله، وهم إذ ذاك بالمهديّة والمنصوريّة، وأحوال القيروان تجري فيها ظاهرة غير خفيّة، ليست بمستورة عنهم ولا مطويّة. «يصوم الصائمون على حسابهم ويفطرون، ولا يعارض أهل الرؤية فيما هم عليه صائمون ومفطرون. «صلاة الخمس للّذين بها جاءهم، فبها يصلّون، -