للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وابنه قاضي الخافقين كمال الدين أبو الفضل محمد بن عبد الله، فإنّه ولي قضاء الموصل وتردّد عن عماد الدين زنكي أتابك إلى بغداد في الرسائل مرارا. ثمّ انتقل إلى دمشق فولي القضاء بها وصار في درجة الوزارة يحكم في البلاد.

واستناب ابنه محيي الدين أبا حامد صاحب الترجمة في الحكم بمدينة دمشق، ثمّ ولّاه قضاء حلب، فلم يكن شيء من أمور الدولة يخرج عن أمره حتى الولاية وشدّ الدواوين، وذلك في أيّام الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي.

وتوجّه في الرسالة إلى بغداد في الأيّام المقتفويّة للإصلاح بين نور الدين المذكور وصاحب الروم قلج أرسلان. فلمّا مات نور الدين أقرّه السلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب على ما كان عليه، حتى مات في المحرّم سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة بدمشق.

وقيل له «قاضي الخافقين» لكثرة امتداد [البلاد] التي وليها.

وولد محيي الدين [٢٢ ب] صاحب الترجمة في سنة سبع عشرة وخمسمائة. وتفقّه ببغداد وسمع بها الحديث على أبي منصور [بن] الرزاز وغيره.

وقدم مصر وولّاه نور الدين قضاء حلب نيابة عن أبيه فبقي حاكما بها حتى مات نور الدين فولي قضاء الموصل ومدرستها، وتمكّن عند صاحبها عزّ الدين مسعود ابن قطب الدين مودود بن زنكي واستولى على جميع أموره، وتوجّه رسولا عنه إلى بغداد مرارا، وكان البهاء يوسف بن شدّاد في خدمته.

ولم يزل على قضاء الموصل إلى أن مات بها يوم الأربعاء في رابع عشر جمادى الأولى سنة ستّ وثمانين وخمسمائة.

وكان فاضلا عالما بفنون من العلم متضلّعا من علم الأدب، له الخطّ المليح، ويوصف بالبذل والعطاء والجود والسخاء، والتواضع وحسن الخلق واللطف.

قيل: إنّه أنعم في بعض رسائله إلى بغداد بعشرة آلاف دينار أميريّة على الفقهاء والأدباء والمحاويج. ويقال إنّه لم يعتقل مدّة حكمه بالموصل غريما على دينارين فما دونها، بل كان يؤدّي ذلك عن الغريم من ماله.

وتحكى عنه مكارم كثيرة ورئاسة ضخمة. وكان من النجباء، عريقا في النجابة، تامّ الرئاسة، كريم الأخلاق، رقيق الحاشية.

ومن شعره، في نزول الثلج من الغيم [الوافر]:

ولمّا شاب رأس الدهر غيظا ... لما قاساه من فقد الكرام

أقام يميط هذا الشيب عنه ... وينثر ما أماط على الأنام

وله [الطويل]:

أأحبابنا إن شتّت الدهر شملنا ... وأصبح عهدي عندكم دارس العهد

فلا تحسبوا أنّ الصبابة بالنوى ... تخفّ وأنّ الشوق ينقص بالبعد

حملتم جميعا كلّكم شوق واحد ... وحمّلتموني شوقكم كلّه وحدي

فو الله لا آنست عينيّ بالبكا ... سلوّا، ولا أوحشت قلبي من الوجد

٣١٠١ - أبو حامد البلنسيّ [- ٦٣٣]

محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>