للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله الواسعة فألجئوا فلّنا إلى هذه القاصية الشاسعة، ثم ها نحن نساترهم فيها ونمدّ لهم خيط باطلهم بالدعاء لهم؟ أعطي الله عهدا: لئن لم تحوّل الدعوة لهم إلى البراءة منهم لأنقلبنّ على وجهي مبادرا في هذه الأرض العريضة!

وقد كان ذلك من هوى عبد الرحمن، إلّا أنّه آثر الأناة إلى أن استضاء برأي ابن عمّه، فترك الخطبة لأبي جعفر وتفرّد بالدعاء لنفسه، وذلك بعد سنة من دخوله الأندلس.

ثم شرع في تعظيم قرطبة فجدّد مغانيها وشيّد مبانيها وحصّنها بالسور، وابتنى قصر الإمارة والمسجد الجامع ووسّع فناءه، وأصلح مساجد الكور. ثمّ ابتنى مدينة الرّصافة منتزها له واتّخذ بها قصرا حسنا وجنانا واسعة نقل إليها غرائب الغراس وأكارم الشّجر من بلاد الشام وغيرها من الأقطار.

ورأى أوّل ما نزل هذه الرصافة نخلة فذّة فذكّرته باغترابها غربته فقال: تبدّت ... الأبيات.

وأشاع في سنة ثلاث وستّين ومائة الرّحيل إلى الشام لانتزاعها من بني العبّاس، وذلك أنّ كتب جماعة ممّن بها من أهل بيته ومواليه وشيعتهتوالت عليه بضعف المسوّدة وفتور فورتهم وثقل دولتهم على الناس. فعمل على أن يستخلف ابنه سليمان بالأندلس في طائفة ويذهب بعامّة من أطاعه، وكمّل من ضروب المماليك أربعين ألفا، فاخترم دون ذلك.

١٤٧١ - النجم البادرائيّ [٥٩٤ - ٦٥٥] (١)

[٥٧ أ] عبد الله بن محمد بن الحسن بن

عبد الله بن عثمان بن أحمد، أبو محمد، ابن أبي الوفاء، ابن أبي محمد، ابن أبي سعد، الشيخ نجم الدين، البادرائيّ، البغدادي، الشافعي.

ولد ببادرايا (١*) من عمل العراق في صفر سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وسمع من عبد العزيز بن منينا، وأبي منصور [ابن] الرزّاز (٢*)، وتفقّه وبرع في الفقه. ودرّس بالنظاميّة ببغداد، وترسّل عن الديوان العزيز غير مرّة.

وحدّث ببغداد ومصر وحلب [ ... ] (٣*).

وولي قضاء بغداد كرها فأقام بعد ولايته سبعة عشر يوما.

ومات ببغداد في ذي الحجّة سنة خمس وستّين وستّمائة.

وكان فاضلا بارعا رئيسا وقورا متواضعا.

وله بدمشق مدرسة تعرف بالبادرائيّة كانت تعرف بدار أسامة (٤*)، عمل بها درسا وشرط على المقيم بها أن يكون غير متزوّج، وأن لا تكون كغيرها من المدارس. فلمّا كملت وحضر بها وحضر عنده الملك الناصر يوسف ابن العزيز، قرئ كتاب الوقف فكان من جملته: ولا تدخلها امرأة.

فقال السلطان: ولا صبيّ.

فقال البادرائيّ: يا مولانا، ربّنا ما يضرب بعصاتين.

وجعل عليها أوقافا حسنة، ووقف بها خزانة كتب نافعة. وأوّل من درس فيها الشيخ برهان الدين إبراهيم ابن التاج الفزاريّ.


(١) السبكيّ، ٨/ ١٥٩ (١١٥٦) - ابن قاضي شهبه، ٢/ ١٣٢ (٤٠٨) - الإسنويّ، ٢٧٦ (٢٥٤) - شذرات، ٥/ ٢٦٩، وفيها جميعا أنّه مات سنة ٦٥٥.
(١*) قال ياقوت: بادرايا بنواحي واسط.
(٢*) ابن منينا (ت ٦١٢) وابن الرزّاز (ت ٦١٦) البغداديّان أعلام النبلاء ٢٢/ ٣٣ و ٩٧.
(٣*) بياض بأربعة أسطر.
(٤*) الدارس في تاريخ المدارس، ١/ ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>