للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جامعها، وسلّمه النعمان الديوان، ومضى إلى جامع المنصوريّة ومعه شيوخ إفريقيّة، وجلس مجلسه، فبقي على قضاء المنصوريّة إلى أن كثر التنازع بينه وبين عبد الله بن محمد الكاتب (١).

فكتب إلى العزيز بالله أبي منصور نزار بن المعزّ يسأله في الحضور ويعرّفه أنّه خائف على نفسه.

فأجابه إلى ذلك وأتاه الجواب في آخر شوّال سنة ثمان وستّين. فخرج إلى مصر بأهله وولده وماله، وختم على ديوانه ودفعه إلى بعض أمنائه وسار.

فقدم القاهرة في [ ... ]. فأكرمه العزيز وأجرى له في كلّ سنة ألف دينار صلة. فيقال إنّه ما ذكر قطّ عبد الله إلّا وأثنى عليه ابن أبي المنهال وشكره وأطنب في مدحه ووصف حزمه وعقله وعلمه وأدبه، على ما فارقه عليه من القبيح. فكان ذلك إذا اتّصل بعبد الله عضّ أنامله أسفا وتلهّفا وندما على ما كان فرط منه إليه. وكان يقول: ما سمعت ولا رأيت أبرّ منه ولا أسمح نفسا: كان يشتمني وينال منّي ومن عرضي في وجهي وأنا سلطان عليه، فلمّا صار في موضع يقدر فيه عليّ، أطلق لسانه بما يجب، فلم يذكر إلّا جميلا وخيرا.

وكتب أبو الفتوح يوسف بن زيري إلى العزيز يشاوره من يولّي القضاء، فكتب إليه العزيز: «قد رددت هذا الأمر إليك فولّ من شئت». فولّى محمد بن إسحاق التميميّ المعروف بابن الكوفيّ (٢) قضاء المنصوريّة عوضا عن ابن أبي المنهال في آخر ذي الحجّة سنة ثمان وستّين.

وكتب أبو الفتوح إلى العزيز يخبره بذلك فأجاز فعله، وبعث إليه سجلّا بالقضاء، وبعث إليه أن

يتسلّم ديوان ابن أبي المنهال من يد أمينه.

٦٣١ - شهاب الدين البعلبكيّ [- بعد- ٧٢٥] (٣)

[٢٦ أ] أحمد بن محمد بن ميرا، الشيخ شهاب الدين، البعلبكيّ، أحد أصحاب تقيّ الدين أحمد بن تيميّة.

قدم إلى مصر، واجتمع بالأمير جنكلي بن البابا، وتردّد إليه، فنوّه باسمه، وأذن له في عمل الميعاد. فعقد مجلس الوعظ بجامع عمرو بن العاص بمصر، وبجامع أمير حسين بن جندر (٤) خارج القاهرة.

وسلك طريق ابن تيميّة في الإنكار على الصوفيّة، والتشنيع على مذاهبهم. ثمّ تعرّض إلى ما لا ينبغي فذكر مسألة الزيارة والاستغاثة، فصاح به من حضر من الصوفيّة، ووثبوا عليه ليقتلوه، ففرّ منهم.

ورفع أمره إلى قاضي القضاة تقيّ الدين محمد بن أبي بكر الإخنائيّ، المالكيّ، فمنعه من الجلوس للوعظ في سادس عشرين شهر ربيع الأوّل سنة خمس وعشرين وسبعمائة، وطلبه.

فغيّب منه خوفا على نفسه، فرفع الإخنائيّ أمره إلى السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، فتقدّم إلى الأمير قدادار (٥) متولّي القاهرة بإحضاره، فأخذ عليه الأماكن حتى أخذه وسلّمه إلى الإخنائيّ فادّعى عليه رجل بما نسب منه، وشهد عليه طائفة. فأبدى فيهم القوادح، فلم


(١) عبد الله بن محمد الكاتب (قتل سنة ٣٧٧): انظر ج ٢ ٣٤١ هـ ٢ وج ٣/ ٢٠١ هـ ٣ من هذا الكتاب.
(٢) انظر ما كتبه هـ. ر. إدريس في رسالته، ص ٥٥٩ عن أسرة بني الكوفيّ قضاة المنصوريّة.
(٣) الدرر ٣٠٢ (٧٦٨) وهو فيه: ابن مرّي- السلوك ٢/ ٢٦٣ - أعيان العصر ١/ ٣٨٨ (٢٠٣).
(٤) في المخطوط: جندربك، والإصلاح من الأعيان والدرر وعمل الميعاد هو إقامة مجالس الوعظ وقراءة الرقائق أي الابتهالات والدعوات والأذكار. (دوزي في وعد ورقّ).
(٥) سيف الدين قدادار (ت ٧٣٠)، النجوم الزاهرة ٩/ ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>