للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن عبّاس: إنّ لكلّ داخل دهشة (١) فانسوه بالتحيّة!

وكان ابن عبّاس جالسا فجاءه سائل فسأله.

فقال: ألست مسلما تصلّي وتصوم؟

فقال: نعم.

فقال: إنّ مؤاساتك لواجبة!

ونزع ثوبه فألقاه عليه.

وقال شعبة عن قتادة عن أبي الطفيل (٢): حجّ معاوية فوافق ابن عبّاس فرآه يستلم الأركان كلّها.

فقال معاوية: إنّما استلم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الركنين.

فقال ابن عبّاس: إنّه ليس من أركانه شيء مهجور.

وقال الأعمش (٣) عن الضحّاك عن ابن عبّاس:

منّا المهديّ والمنصور والسفّاح.

وقال عبّاس بن هشام الكلبيّ: كنت أنا وعكرمة عند ابن عبّاس وليس عنده أحد غيرنا. فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما، فسلّما عليه ثم ذهبا. فقال: إنّ هذين يزعمان أنّ المهديّ من ولدهما. ألا وإنّ السفّاح والمنصور من ولدي!

وقال سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي معبد: سمعت ابن عبّاس يقول: إنّي لأرجو أن لا تذهب الأيّام والليالي حتّى يكون منّا أهل البيت من يقيم أمرها: شابّ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، لم يلبس الفتن ولم تلبسه. وأرجو أن يختم هذا الأمر بنا.

(قال) فقلت: أعجز عنه شيوخكم وترجونه لشبابكم؟

قال: يفعل الله ما يشاء.

وقال ابن عبّاس: أشهى السلام إليّ البركات.

وقال الحسن بن عليّ الحرمازيّ عن العتبي (١*) عن أبيه أنّ رجلا قال لعبد الله بن عبّاس: بماذا عرفت ربّك؟

فقال: ويلك! من طلب الدين بالقياس لم يزل الدهر في التباس، مائلا عن المنهاج، ظاعنا في الاعوجاج! أعرفه بما عرّف به نفسه من غير رؤية، وأصفه بما وصف به نفسه من غير [٢٠٨ ب] صورة، لا يدرك بالحواسّ ولا يقاس بالناس، حيّ في ديمومته، لا يجور في أقضيته، يعلم ما هم عالمون، وما هم إليه صائرون، فتبارك الله الذي سبق كلّ شيء علمه، ونفذت في كلّ شيء مشيئته!

[ملاحاة أخرى بين ابن عبّاس وعبد الله بن الزبير]

وقال أبو مخنف: لمّا نزل ابن عبّاس الطائف حين نافره ابن الزبير كان صلحاء الطائف يجتمعون إليه، ويأتيه أبناء السبيل يسألونه ويستفتونه فكان يتكلّم في كلّ يوم بكلام لا يدعه، وهو: الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وعلّمنا القرآن، وأكرمنا بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم فانتأشنا (٢*) به من الهلكة وأنقذنا من الضلالة، فأفضل الأئمّة أحسنها لسنّته اتّباعا وأعملها بما في كتابه احتسابا. وقد عمل بكتاب ربّكم وسنّة نبيّكم قوم صالحون، على الله جزاؤهم، وهلكوا فلم يدعوا بعدهم مثلهم ولا موازيا لهم، وبقي قوم يريغون الدنيا بعمل الآخرة، يلبسون جلود الضأن لتحسبوهم من الزاهدين، يرضونكم بظاهرهم ويسخطون الله بسرائرهم، إذا عاهدوا لم يوفوا، وإذا حكموا لم


(١) أو برقة: مجمع الأمثال ٣٢٩٨.
(٢) أبو الطفيل (عامر بن وائلة الكناني، صحابيّ) - المعارف، ٧٤١.
(٣) الأعمش (سليمان بن مهران) - الأعلام، ٣/ ١٩٨ (ت ١٤٨).
(١*) العتبيّ (محمد بن عبيد الله- ت ٢٢٨): إخباريّ- المعارف ٥٣٨. والحرمازي مذكور في المعارف، ٣٠٨.
(٢*) انتأشه: انتزعه (اللسان).

<<  <  ج: ص:  >  >>