للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال بشر بن الحارث: أربعة رفعهم الله تعالى بطيب المطعم: وهيب الورد (١)، وإبراهيم بن أدهم، ويوسف بن أسباط، وإبراهيم الخوّاص.

وفي رواية: ما أعرف عالما إلّا وقد أكل بدينه، إلّا أربعة: وهيب الورد، وإبراهيم بن أدهم، ويوسف بن أسباط (٢)، وسليمان الخوّاص (٣).

وقال معاوية بن حفص: إنّما سمع إبراهيم بن أدهم عن منصور حديثا فأخذ به فساد أهل زمانه:

سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: حدّثنا منصور عن ربعيّ بن خراش قال: جاء رجل إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دلّني على عمل يحبّني الله عزّ وجل عليه ويحبّني الناس.

قال: «إذا أردت أن يحبّك الله فأبغض الدنيا، وإذا أردت أن يحبّك الناس فما كان عندك من فضولها فانبذه إليهم».

ويروى أنّ إبراهيم بن أدهم جلس إلى بعض العلماء فجعلوا يتذاكرون الحديث، وإبراهيم ساكت. ثم قال: «حدّثنا منصور ... » ثمّ سكت فلم ينطق بحرف حتّى قام من المجلس. فقال بعض أصحابه: يا أبا إسحاق، ابتدأت بالحديث ثمّ قطعت، وقد كان القوم أنصتوا لك؟

فقال: إنّي أخشى مضرّة ذلك المجلس في قلبي إلى اليوم. نا

وقيل له [١١ ب]: ما لك ما حفظت كما حفظ أصحابك؟

قال: كان همّي هدى العلماء وآدابهم.

ومرّ بالأوزاعيّ وحوله الناس، فقال: على هذا

عهدت الناس، كأنّك معلّم وحولك الصبيان. لو أنّ ذي الحلقة عن أبي هريرة لعجز عنهم.

فقام الأوزاعيّ وقال: قد سمع سفيان كما سمعنا. ولو شاء أن يسكت كما سكتنا.

[[انقطاعه إلى الزهد والاستغفار]]

وقيل له: لم لا تكتب الحديث؟

قال: إني مشغول بثلاث: أوّلها الشكر على النعم. والثاني: الاستغفار للذنوب. والثالث:

الاستعداد للموت. ثمّ صاح وغشي عليه. فسمع صوت ولا يرى شخص: لا تدخلوا بيني وبين أوليائي!

وفي رواية أنّه مرّ بسفيان الثوريّ وهو قاعد مع أصحابه، فقال له سفيان: تعال حتى أقرأ عليك علمي!

قال: إنّي مشغول بثلاث- ومضى.

فقال سفيان لأصحابه: ألا سألتموه ما هذه الثلاث؟

ثمّ قام سفيان ومعه أصحابه حتى لحق إبراهيم فقال له: قلت: إنّي مشغول بثلاث عن طلب العلم، فما هذه الثلاث؟

فقال: إنّي مشغول بالشكر لما أنعم [به] عليّ، والاستغفار لما سلف من ذنوبي، والاستعداد للموت.

فقال سفيان: ثلاث، وأيّ ثلاث!

وقال مسلم بن مهران: كان إبراهيم بن أدهم إذا سئل عن العلم جاء بالأدب.

ويروى عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال لإبراهيم ابن أدهم: رزقت من العبادة شيئا صالحا، فليكن العلم من ذلك فإنّه رأس العبادة، وبه قيام الدين.

وقال أبو عثمان الأسود، وكان قد رافق


(١) وهيب [بن] الورد المكّي: حلية ٨/ ١٤٠.
(٢) يوسف بن أسباط: حلية ٨/ ٢٣٧.
(٣) سليمان الخوّاص العابد: أعلام النبلاء ٨/ ١٧٨ (٢٣) حلية ٨/ ٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>