للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القتال بعد ما كان انصرف عن المدينة. فهادنه الشريف على ترك الحرب مدّة أشهر (١).

ولم يزل بدمشق حتى مات بها يوم الأربعاء لعشر خلون من شهر ربيع الأوّل سنة أربع وثلاثين وأربعمائة.

وولي بعده نقابة الطالبيّين وقضاء دمشق أخوه لأمّه الشريف أبو تراب محسن بن محمد بن العبّاس بن أبي الجنّ. وذكر الشريف أبو الغنائم عبد الله بن الحسن بن محمد، النسّابة الحسينيّ قال: أردت المسير إلى دمشق فودّعت الشريف فخر الدولة، وكان إذ ذاك بمصر، وقلت وقت توديعي له [البسيط]:

أستودع الله مولاي الشريف وما ... يحويه من نعم تبقى ويوليها

فإنّني عند توديعي لحضرته ... ودّعت من أجله الدنيا وما فيها [٤١٥ أ]

فلمّا سمع البيتين أقسم عليّ أن أقيم، فأقمت، وأنعم عليّ، وأنشدني أبياتا لقسّ بن ساعدة الإيادي [الكامل]:

علم النجوم على العقول وبال ... وطلاب شيء لا ينال ضلال

ماذا طلابك علم شيء أغلقت ... من دونه الأبواب والأقفال

افهم: فما أحد بغامص فطنة ... يدري متى الأرزاق والآجال (٢)

إلّا الذي من فوق سبع عرشه ... فلوجهه الإكرام والإجلال

١٢٨٠ - الأجلّ الأشرف الكاتب [٥٤٧ - ٦١٥] (٣)

حمزة بن علي بن عثمان بن يوسف بن إبراهيم بن أحمد بن يعقوب بن مسلم بن منبّه، القرشيّ، المخزوميّ، أبو القاسم، الكاتب، من ولد عبد الله ابنأبي ربيعة المخزوميّ- ويلقّب بالأجلّ الأشرف، ابن القاضي أبي الحسن، ابن أبي عمرو.

كان أبوه صاحب ديوان مصر في أيّام الخلفاء الفاطميّين. وولي هو الديوان في أيّام السلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب. وولي الأحباس بالقاهرة وديار مصر. وكان كاتبا سديدا حاذقا بليغا، له الإنشاء الحسن، والنظم والنثر الجيّدان.

وكان ينشئ الكتاب من أسفله إلى رأسه على أحسن قانون من غير توقّف.

واشتغل بالحديث فسمع منه الكثير على أبي طاهر السلفيّ ومن دونه. وحصل الأصول الملاح وفهم منه طرفا صالحا.

ولمّا ولي الصاحب صفيّ الدين عبد الله بن علي الدميريّ المعروف بابن شكر (٤) الوزارة في أيّام الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيّوب خاف منه أن يقصده بمكروه، فإنّه كان مغرى بقلع البيوت الأصيلة في التقدّم. فهرب من القاهرة إلى الشام واتّصل بخدمة الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين يوسف، فأكرمه وأحسن إليه وبعثه عنه رسولا إلى الأطراف وأرسله إلى بغداد مرّتين، إحداهما في سنة اثنتين وستّمائة، وحدّث بها.

ومن شعره [بسيط]:


(١) في الاتّعاظ ٢/ ١٦٠: ... إلى آخر الكوانين.
(٢) أو غامض فطنة. والغموض والغموس: الكاذب.
(٣) الوافي ١٣/ ١٨٠ (٢٠٨) - التكملة ٢/ ٤٥٠ (١٦٤٢).
(٤) الوزير ابن شكر (ت ٦٢٢) له ترجمة في المقفّى رقم ١٥٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>