للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فغضب إسحاق وقال: والله لقد سمعته يقول فيكم مثل هذا القول.

فقال أبو جعفر المنصور: إنّما أنت يا أبا نخيلة مع كلّ ريح.

وأمر أبو العبّاس لأبي نخيلة بخمسين ألف درهم (١).

وجلس أبو العبّاس يوما للنّاس، فقام رجل فذمّ أهل الشام والجزيرة، فقال له إسحاق: كذبت يا ابن الزانية!

فقال زياد بن عبد الله: خذ للرجل بحقّه يا أمير المؤمنين.

فقال أبو العبّاس: أترى قيسا ترضى بأن يضرب شيخها وسيّدها حدّا؟ لو دعوته بالبيّنة لجاء مائة من قيس يشهدون أنّ قوله حقّ.

فترك الرجل مطالبته.

[أصل بردة الخلفاء العبّاسيّين]

وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دفع بردا له إلى ناس من النصارى من أهل دومة الجندل وأهل مقنا أمانا لهم. فاشتراه أبو العبّاس من أولادهم بأربعمائة دينار. فهو [البرد الذي] يلبسه الخلفاء. وذكر الواقدي أنّ الذي [ن] دفع إليهم البرد أهل تبوك.

وقال الهيثم بن عديّ: أهل أيلة.

ويقال: دفن مروان بن محمد البرد والقعب والمخضب (٢) لئلّا تصير إلى بني العبّاس فدلّهم عليها خصيّ لمروان.

ومن كلام أبي العبّاس: إذا عظمت القدرة قلّت الشهوة، وقلّ تبرّع إلّا ومعه حقّ مضاع.

وقال: إنّ من أدنياء الناس ووضعائهم من عدّ البخل حزما والحلم ذلّا.

وقال: إذا كان الحلم مفسدة، كان العفو معجزة، والصبر حسن إلّا على من أوتغ (١*) الدّين وأوهن السلطان. والأناة محمودة إلّا عند إمكان الفرصة.

ووجد على إبراهيم بن جبلة بن مخرمة الكندي، وكان من صحابته وسمّاره فحجبه. فذكر عنده وقيل إنّه لحسن العلم والحديث. فقال عيسى بن عليّ: إنّه لكذلك، أفلا تصفح عنه يا أمير المؤمنين وتعيده إلى مجلسك؟

فقال: [لا] يمنعني من ذلك إلّا أنّي لا أحبّ أن يتبيّن الناس أنّ رضاي قريب من سخطي، وسوف أدعو به.

وقالت أمّ سلمة امرأته: ما أحسن الملك لو كان يدوم!

فقال: لو كان يدوم دام لمن قبلنا فلم يصل إلينا.

وكان يقول: إن أردنا علم الحجاز وتهامة فعند سعيد بن عمرو بن الغسيل الأنصاريّ. وإن أردنا علم تميم وعلوم فارس والعجم فعند خالد بن صفوان. وإن أردنا علم الدنيا والآخرة، والجنّ والإنس، فعند أبي بكر الهذليّ.

وكان هؤلاء سمّاره وحدّاثه [٧٨ ب].

وركب بالأنبار فمرّ بقوم من الفعلة، فقال لعيسى بن عليّ: يا أبا العبّاس، إنّ السعيد لمن سلم من الدنيا. ولوددت أنّي لم أتقلّد شيئا ممّا تقلّدت: أهؤلاء أحسن حالا وأخفّ ظهورا في معادهم أم أنا؟


- والقرقر: الأرض المطمئنّة الليّنة. والديدبان: حمار الوحش.
(١) في الأغاني ٢٠/ ٣٨٧: ولم يعط أبا نخيلة شيئا.
(٢) في المروج ٤/ ٨٨: ... والقضيب ومخصر ...
(١*) وتغ يوتغ وتغا (وزن فرح): هلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>