للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقام إسحاق، ووكّل بالطرق أصحابه ومنعهم أن يطلقوا (١) لأحد ممّن مع المعتمد العبور. وسار فوجد المعتمد بين الموصل والحديثة، فضرب مضربه دونه وركب حتى وافى مضرب المعتمد من غير أن يشعر به أحد من أصحابه. فخرج إليه نحرير الخادم وسلّم عليه واستأذن له. فدخل على المعتمد ومعه ابنه محمد بن إسحاق وجماعة من وجوه أصحابه، فسلّم ووقف بأصحابه. فقال له المعتمد: يا إسحاق، لم منعت الحشم من الدخول إلى الموصل؟

فقال: وما معنى دخول الحشم الموصل؟

قال: لأنّي آثرت دخولها.

قال: لا والله، يا أمير المؤمنين، ما إلى ذلك من سبيل. أخوك في وجه العدوّ وأنت (٢) تخرج من دار مستقرّك ومدينة آبائك، ولئن صحّ هذا عنده ليرجعنّ عن مقاومة الخارجيّ حتى يغلب العدوّ على دار ملكك. وهذا كتاب أخيك.

فقال له: أنت غلامي أم غلام أخي؟ (٣).

قال: كلّنا غلمانك يا أمير المؤمنين، ما أطعت الله. فإذا عصيته فلا طاعة لك علينا.

قال: فما عصيته؟

قال إسحاق: تخلّي دار خلافة آبائك وتزيل أخاك عن عدوّ دولتك وتبعد عن مستقرّك، ولا ترى أنّك عاص لربّك؟

ثمّ خرج من المضرب وترك أصحابه الذين دخلوا معه، ووقف على باب المضرب، وبعث نحريرا إلى المعتمد يسأله أن يبعث إليه خطارمش ................ ....

ونيزك (٤) حتى يناظرهم. فبعث بهم إليه مع أخيه عيسى بن المتوكّل وإبراهيم بن المدبّر. فلمّا دخلوا مضرب إسحاق قال لهم: ما جنى على الإسلام أحد [٢٨١ ب] جنايتكم: أخرجتم الخليفة في عدّة يسيرة، وهارون الشاري (٥) في جمع كبير بإزائكم، فلو عارضكم وأسر الخليفة لكنّا فضيحة. ولولا أنّي لحقتكم في عسكري [٢٥٣ ب] لذهب الخليفة وذهبتم.

ثمّ وكّل بهم وبعث إلى مضاربهم، فعاد دوابّهم وغلمانهم. فلمّا دجا اليل وجّه إسحاق ابنه محمد بن إسحاق، وحبشيّ [ا] ووصيف [ا] ابني أخيه، ومعهم ثلاثون رجلا يحفظون المعتمد.

وأصبح عند المعتمد وقال له: يا أمير المؤمنين، ما مقامنا هاهنا، والأمر مضطرب بناحية أخيك؟

فقال له: احلف لي أنّك تنحدر معي ولا تسلمني.

فحلف له وانحدر به إلى سرّ من رأى. فتلقّاه أبو العبّاس أحمد بن الموفّق وصاعد بن مخلد كاتب الموفّق، فسلّم إسحاق المعتمد إلى صاعد.

فأنزله في دار ووكّل به قائدا في خمسمائة رجل يمنعون من الدخول إليه.

[امتناع بكّار من خلع الموفّق]:

فورد رسول أحمد بن طولون إليه وهو بدمشق وأخبره ما فعل بالمعتمد. فكتب إلى أعماله بحمل القضاة والفقهاء، فلمّا اجتمعوا عنده بدمشق استفتاهم في خلع الموفّق. فأفتاه من حضره بأن يخلعه إلّا بكّارا فإنّه ضعّف الأمر، فتغافل عنه أحمد بن طولون. وكتب كتاب خلع طويل [ا]


(١) في المخطوط: أن لا يطلقوا ...
(٢) في المخطوط: ولست تخرج.
(٣) في المخطوط: أو.
(٤) في المخطوط: تيتك، وكذلك الطبري ٩/ ٦٢٠، والإصلاح من الكامل ٦/ ٤٩.
(٥) هارون الوازقي (الطبري ١٠/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>