[تولّيه خراج مصر]
فملك الأمر وزادت أحواله، وقدم إلى مصر فعقد بها بيعة أبي العساكر. واستقرّ أخوه أبو الحسن عليّ بن أحمد الماذرائيّ على وزارته.
وعاد أبو زنبور إلى دمشق لتدبير أمر الشام، فلم يزل إلى سنة خمس وثمانين ومائتين. فنظر في خراج مصر، والأمير [٣٧٨ ب] يومئذ هارون بن خمارويه، والقائم بتدبير الدولة أبو جعفر محمد بن أبّى، إلى أن قتل هارون، وقدم محمد بن سليمان الكاتب وأزال دولة بني طولون وحمل رجالهم- وفيهم أبو زنبور- إلى العراق.
فقدم مع عيسى النوشريّ أمير مصر ونظر في الخراج على عادته، فلمّا قدم محمد بن علي الخليج (١) إلى مصر فرّ منه النوشريّ ومعه أبو زنبور إلى الإسكندريّة [٤٣٤ ب]. فقاتلهما أصحاب ابن الخليج وانهزموا، وسار النوشريّ وأبو زنبور إلى الصعيد. فلمّا قدم فاتك المعتضديّ من العراق بالعساكر وغلب ابن الخليج وأسره قدم النوشريّ وأبو زنبور في رجب سنة ثلاث وتسعين، ونظر في الخراج على عادته. ولم يبق بمصر منالماذرائيّين أحد غيره إلى سنة إحدى وثلاثمائة. فورد أبو بكر محمد بن علي الماذرائيّ من العراق صحبة مؤنس لقتال حباسة. وقدم مع أبي بكر أهله وولده.
وصار أبو زنبور يلي الخراج مرّة وأبو بكر يليه مرّة، وأبو الطيّب أحمد بن عليّ [بن أحمد الماذرائيّ] أخرى. فولي أبو زنبور الخراج بمصر خمس مرّات ولاية أمانة على أن يقوم بنفقات البلد وعمارات الضياع وأرزاق الجند وأرزاق الكتّاب والمتصرّفين، ويحمل في كلّ سنة من مال مصر إلى بيت المال ببغداد ستّمائة ألف دينار، وعليه في
كلّ سنة الحساب بالارتفاع والخراج والباقي من المنكسر وغيره، والحمل الذي ذكرناه. وكذلك كانت ولاية ابن أخيه أبي بكر.
[[ولاياته الخمس لخراج مصر]]
فكانت ولاية أبي زنبور الأولى في سنة خمس وثمانين ومائتين من قبل المعتضد، والوزير عبد الله بن سليمان بن وهب، بعد قتل خمارويه.
ولم يزل إلى سنة اثنتين وتسعين.
ثمّ ولي ثانية في خلافة المكتفي، ولّاه محمد بن سليمان الكاتب وأقام معه أبا العبّاس أحمد بن محمد بن بسطام مشرفا عليه، فأقام إلى سنة خمس وتسعين، وصرف بأحمد بن بسطام.
ثمّ أعيد ثالثا بعد أبي بكر محمد بن عليّ في آخر سنة أربع وثلاثمائة من قبل المقتدر وفي إمارة ذكا على مصر، ثمّ صرف في سنة خمس وثلاثمائة بعليّ بن أحمد بن محمد بن بسطام.
ثمّ أعيد مرّة رابعة في سنة ستّ وثلاثمائة، فلم يزل إلى سنة عشر، فصرف بكاتبه محمد بن الحسين بن عبد الوهّاب.
ثمّ أعيد مرّة خامسة في إمارة تكين من سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة بعد أبي أحمد الحسين بن محمد الكرخيّ، وصرف بمحمّد بن جعفر القرطيّ. ولم يزل متعطّلا إلى أن مات بغتة من أكل بطّيخ في يوم الجمعة النصف من جمادى الأولى سنة سبع عشرة وثلاثمائة. فحضر الأمير تكين جنازته بغير سيف ولا منطقة حزنا عليه.
[[بعض أخباره]]
وله أخبار كثيرة، منها أنّه دخل حمام ابن حمدويه بمصر، فلمّا خرج ليلبس ثيابه فتحت
(١) الكندي ٢٥٨ هامش ٢، الخطط ١/ ٣٢٧ وفيها تفصيل لتمرّد ابن الخليج.