للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا نهار ولا ليل يطيب لنا ... ولا يضيء لنا شمس ولا قمر

الله يعلم أنّي ناصح لكم ... فيما أقول وأنّي حيّة ذكر

أرى وأسمع ما لا تسمعان به ... من الحسود وفي في الحاسد الحجر

فردّ المهديّ إليه ولم يأذن له في نزول الرافقة.

وكان المنصور يقول: ما شيء أخلب لقلب من كلام يصاب به موضعه.

وقال يوما لابن عيّاش المنتوف (١): لو تركت لحيتك لطالت. أما ترى عبد الله بن الربيع ما أحسنه؟

فقال: يا أمير المؤمنين، أنا أحسن منه.

فقال ابن الربيع: أما ترى هذا الشيخ، يا أمير المؤمنين، ما أكذبه؟

فقال ابن الربيع: أما ترى هذا الشيخ، مرّ أن تجزّ لحيته ويقام إلى جانبي حتى تنظر أيّنا أحسن.

وقال المنصور للأعلم الهمداني: ما مالك؟

قال: ما أكفّ به وجهي ولا أعود بفضله على صديق.

فقال: «لقد لطفت في المسألة». وأمر له بخمسة آلاف درهم.

وقال لسفيان بن معاوية: ما أسرع الناس إلى قومك!

فقال: يا أمير المؤمنين [البسيط]:

إنّ العرانين تلقاها محسّدة ... ولن ترى للئام الناس حسّادا

قال: صدقت.

[مقتل ابن المقفّع بسبب العهد الموثّق]

وكان عبد الله بن المقفّع يكتب لبني علي بن عبد الله بن عبّاس. فأمروه أن يكتب لعبد الله بن عليّ أمانا حين أجابهم المنصور إلى أمانه، فكان فيه: «فإن عبد الله أمير المؤمنين لم يف بما جعل لعبد الله بن علي، فقد خلع نفسه، والناس في حلّ وسعة من نقض بيعته». فأنكر المنصور ذلك وأكبره واشتدّ له غيظه على ابن المقفع. وكتب إلى سفيان بن معاوية عامله على البصرة أن اكفني ابن المقفّع! وكان سفيان أشدّ الناس بغضا لابن المقفّع. فجاءه يوما في حاجة لعيسى بن عليّ فقتله شرّ قتلة سرّا. فشكا بنو عليّ بن عبد الله سفيان فأمر المنصور بحمله فحمل. وجاء عيسى بن عليّ بقوم يشهدون أنّ ابن المقفّع دخل دار سفيان فلم يخرج وصرفت دوابّه، وغلمانه يصرخون وينعونه. وجاء بآخرين يثبتون الشهادة على قتله. فقال لهم المنصور: أرأيتم إن أخرجت ابن المقفّع إليكم، ماذا تقولون؟ - فانكسروا عن الشهادة، وكفّ عيسى بن علي عن الطلب بدم ابن المقفّع.

وممّا عدّ عن دهاء المنصور أنّه لمّا وجّه جيشه إلى محمد بن عبد الله بن الحسن (١*) بلغه أنّه يريد اليمن. فأمر كبار قوّاده الذين في الجيش أن يكتبوا إلى محمد فيعلموه أنّهم إذا صاروا [٩٨ ب] إلى المدينة فواقعوه انقلبوا إليه. فأقام محمد طمعا في ذلك. فلمّا لقوه كانت إيّاها.

[[مقتل سديف بن ميمون الشاعر]]

وكان سديف بن ميمون مولى آل أبي لهب مائلا إلى المنصور. فلمّا استخلف وصله بألف دينار، فدفعها إلى محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن


(١) المنتوف: من رواة الأخبار، يروي عنه الهيثم بن عديّ، وسمّي المنتوف لأنّه كان ينتف لحيته (المعارف، ٥٣٩.
كتاب التاج، ٦٠ - لسان الميزان، ٣/ ٣٢٢).
(١*) هو المعروف بالنفس الزكيّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>