للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: وما هي؟

قلت: تعلّمني اسم الله المخزون.

فقال لي: هو في المسبّحات.

ثم أمسكت عنه أياما، ورأيته طيّب النفس فقلت: يا أبا إسحاق، إنّ لي مودّة وحرمة، ولي حاجة.

قال: وما هي؟

قلت: تعلّمني اسم الله المخزون.

قال: بلى. هو في العشر الأوّل من الحديد، لست أزيدك على هذا.

[[شيء من مواعظه]]

وقال إبراهيم بن بشّار: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول هذا كثيرا: دارنا أمامنا، وحياتنا بعد موتنا، إما إلى الجنّة، وإما إلى النار.

وسمعته يقول: يا ابن بشار، مثّل لبصر قلبك حضور ملك الموت وأعوانه لقبض روحك، فانظر كيف تكون. مثّل له هول المطلع ومساءلة منكر ونكير، فانظر كيف تكون. ومثّل له القيامة وأهوالها، والعرض والحساب والوقوف، وانظر كيف تكون.

ثمّ صرخ صرخة فوقع مغشيّا عليه.

وسمعته يقول: إنّ للموت كأسا لا يقوى على تجرّعها إلّا خائف وجل طائع لله قد كان يتوقّعها.

فمن كان مطيعا فله الحياة والكرامة والنجاة من عذاب القيامة، ومن كان عاصيا ترك بين الحسرة والندامة يوم الصاخّة والطامّة.

وسمعته يقول: إخوتي، عليكم بالمبادرة والجدّ، وسارعوا وسابقوا فإنّ نعلا فقدت أختها سريعة اللحاق بها.

ونظر إلى رجل قد أصيب بمال ومتاع كثير، [و] وقع الحريق في دكّانه، فاشتدّ جزعه حتى خولط في عقله فقال له: يا عبد الله، إنّ المال مال الله، متّعك به إذ شاء، وأخذه منك إذ شاء. فاصبر لأمره ولا تجزع، فإنّ تمام شكر الله على العافية الصبر له على البليّة، ومن قدّم وجد، ومن أخّر ندم.

وقال لأبي ضمرة الصوفيّ وقد رآه يضحك: يا أبا ضمرة، لا تطمعن في ما لا يكون، ولا تيأس ممّا يكون!

فقلت له: يا أبا إسحاق، ما معنى هذا؟

فقال: ما فهمته؟

قلت: لا.

قال: لا تطمعن في بقائك، وأنت تعلم أنّ مصيرك إلى الموت. فلم يضحك من يموت ولا يدري أين يصير بعد موته، إلى جنّة أم إلى نار؟ ولا تيأس ممّا يكون، أنت لا تدري أيّ وقت يكون الموت، صباحا أو مساء، [بليل] [١٧ أ] أو نهار.

ثمّ قال: أوه! أوه! وسقط مغشيّا عليه.

وسمعته يقول: أشدّ الجهاد جهاد الهوى، من منع نفسه هواها فقد استراح من الدنيا وبلاها، وكان محفوظا معافى من أذاها.

وسمعته يقول: الهوى يردي، وخوف الله يشفي. فاعلم أنّ ما يزيل عن قلبك هواك إذا خفت من تعلم أنه يراك (١).

وسمعته يقول: اذكر ما أنت صائر إليه حقّ ذكره، وتفكّر فيما مضى من عمرك هل تثق به وترجو به النجاة من عذاب ربّك، فإنك إذا كنت كذلك شغلت قلبك بالاهتمام بطريق النجاة عن


(١) هكذا في المخطوط، ولعلّ الصواب: إنما يزول هواك إذا خفت ...

<<  <  ج: ص:  >  >>