للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الحاجب للنقيب أبي أحمد: قل لولدك محمد: أي ذلّ أصابه في مملكتنا؟ وما الذي يعمل معه صاحب مصر لو مضى إليه؟ أكان يصنع إليه أكثر من صنيعنا؟ ألم نوله النّقابة؟ ألم نستخلفه على الحرمين والحجاز، وجعلناه أمير الحجيج؟

فهل كان يحصل له من صاحب مصر أكثر من هذا؟

ما نظنّه كان يكون لو حصل عنده إلّا واحدا من أفناء الطالبيّين بمصر.

فقال النقيب أبو أحمد: أمّا هذا الشعر، فممّا لم نسمعه منه ولا رأيناه بخطّه، ولا يبعد أن يكون بعض أعدائه [٢١٦ أ] نحله إيّاه وعزاه إليه.

فقال القادر: إن كان كذلك فليكتب الآن محضر يتضمّن القدح في أنساب ولاة مصر ويكتب محمد خطّه فيه.

فكتب محضر بذلك شهد فيه جميع من حضر المجلس، منهم النقيب أبو أحمد، وابنه المرتضى.

وحمل المحضر إلى الشريف الرضيّ ليكتب فيه خطّه، حمله أبوه وأخوه. فامتنع وقال: «لا أكتب، وأخاف دعاة صاحب مصر». وأنكر الشعر وكتب خطّه أنّه ليس بشعره ولا يعرفه. فأجبره أبوه على أن يسطّر خطّه في المحضر، فلم يفعل وقال: أخاف دعاة المصريّين وغيلتهم، فإنّهم معروفون بذلك.

فقال أبوه: يا عجباه! تخاف من بينك وبينه ستّمائة فرسخ، ولا تخاف من بينك وبينه مائة ذراع!

وحلف ألّا يكلّمه، وكذلك المرتضى، فعلا ذلك تقيّة وخوفا من القادر وتسكينا له، وبعد ذلك صرفه عن النّقابة وولّاها محمد بن عمر النهرسابسي (١).

[[عود إلى ابن الأثير]]

قال ابن الأثير عن أبيات الرضيّ التي ذكرت:

«وإنّما لم يودعها في ديوانه خوفا؛ ولا حجّة فيما كتب في المحضر المتضمّن القدح في أنسابهم، فإنّ الخوف يحمل على أكثر من هذا. على أنّه قد ورد ما يصدّق ما ذكرته (١*)». فذكر معنى ما تقدّم عن الصابي وقال: «ففي امتناع الرضيّ من الاعتذار ومن أن يكتب خطّه بالطعن في نسبهم مع الخوف دليل قويّ على صحّة نسبهم. (قال) وسألت جماعة من أعيان العلويّين عن صحّة نسبه فلم يرتابوا في صحّته. وذهب غيرهم إلى أنّ نسبه مدخول ليس بصحيح وتعدّت طائفة منهم فجعلوا نسبه يهوديّا.

وقد كتب في أيّام القادر محضر يتضمّن القدح في نسبه ونسب أولاده، فكتب فيه جماعة من العلويّين وغيرهم أنّ نسبه إلى علي بن أبي طالب غير صحيح. (قال) وجعل القائلون بصحّة نسبه أنّ العلماء ممّن كتب المحضر إنّما كتبوا خوفا وتقيّة، ومن لا علم عنده بالأنساب فلا احتجاج بقوله.

وذكر معنى ما قاله الأمير عزّ الدين بن عبد العزيز في تاريخ القيروان على ما تقدّم ذكره إلى أن قال [في] حكاية نكاح امرأة الحدّاد اليهوديّة وأنّ عبيد الله ابن الحدّاد اليهودي: فقال ابن الأثير (٢*):

«وهذه الأقوال فيها ما فيها. فيا ليت شعري، ما الذي حمل أبا عبد الله الشيعيّ [٢١٦ ب] وغيره ممّن قام في إظهار هذه الدعوة، حتى يخرجوا الأمر من أنفسهم ويسلموه إلى ولد يهوديّ؟ وهل يسامح نفسه بهذا إلّا من يعتقده دينا يثاب عليه؟ ».

[قول القاضي عبد الجبّار]

وقال القاضي عبد الجبّار البصري (٣*) في أواخر


-
أرتضي بالأذى، ولم يقف العز ... م قصورا، ولم تعزّ المطيّ
(١) نهر سابس: من نواحي الكوفة: الأنساب في المادة، وذكر شريفا آخر غير هذا.
(١*) الكامل، ٦/ ١٢٥.
(٢*) الكامل، ٦/ ١٢٩.
(٣*) القاضي عبد الجبّار (ت ٤١٥/ ١٠٢٥) الفقيه الشافعيّ-

<<  <  ج: ص:  >  >>