للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهل رأيتم جميع الناس أعجب من ... حالي وقطّ سمعتم مثل ذا الخبر؟

أذوب شوقا إلى من لست أعرفه ... ولا لمحت خيالا منه في عمري

ومن أخباره أنّه قال في مرضه لأولاده:

احملوني إلى القبر! - وكان ذلك ليلا- فقالوا: يا سيّدي [٦٤ ب]، باب النصر مغلوق.

فقال: احملوني، تجدوه مفتوحا.

فحملوه إليه. فعند وصولهم إلى الباب وافى قدوم بريد ففتح له حتّى دخل، وخرجوا به.

واتّفق أنّه لمّا شهد عليه بما قاله في حال وعظه ممّا يبيح الفقهاء به دمه بعث إليه قاضي القضاة تقيّ الدين عبد الرحمن ابن بنت الأعزّ يستزيره، فمشى إليه ومعه أصحابه، وهو يقول لهم:

القاضي يحبّنا، وأراد لنا الخير- حتّى دخل عليه، فقام له القاضي وتلقّاه وأجلسه. ثمّ قال له: يا سيّدي قلتم وما قلتم، وقلنا وما قلنا، وشهدوا وما شهدوا، وسمعنا وما سمعنا، ونحن كلّنا نقول:

أستغفر الله العظيم!

فقال الشيخ: نعم، أستغفر الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمّدا عبد الله ورسوله.

وتصافحا، وقام الشيخ منصرفا. فكان هذا من جميل أفعال ابن بنت الأعزّ، فإنه استسلمه معه حتّى حقن دمه على هذا الوجه الجميل من غير ابتلاء ولا تثريب.

٣٨٣ - فخر الدين العراقيّ الخطيب [٥١٠ - ٥٩٦] (١)

إبراهيم بن منصور بن مسلّم، فخر الدين، أبو إسحاق، العراقيّ، الفقيه، الشافعيّ، خطيب

جامع عمرو.

ولد بمصر في سنة عشر وخمسمائة.

وكان يعمل النشّاب في القاهرة. ثمّ اشتغل بالعلم. وذلك أنّه اشترى جارية فبات معها، ثمّ أصبح في دكّانه، فقال له بعض جيرانه: كيف وجدت جاريتك البارحة؟

وقال له آخر: كيف تجتمع معها قبل أن تستبرئها؟

فقال: وما الاستبراء؟

قال: أن تحيض في ملكك.

فتجرّد لطلب العلم. ورحل إلى العراق وتفقّه على أبي بكر محمّد بن الحسين الأرمويّ، صاحب أبي إسحاق الشيرازيّ، وعلى أبي الحسن محمّد بن [المبارك بن] الخلّ.

وقدم مصر بعد مدّة فعرف بالعراقيّ. وتفقّه على القاضي أبي المعالي مجلّي بن جميع، حتّى برع في الفقه. وشرح المهذّب [لأبي إسحاق الشيرازيّ] في عشرة أجزاء شرحا جيّدا (٢). وعظم قدره وأخذ عنه فقهاء مصر.

فممّن تفقّه عليه الفقيه أبو طاهر المحلّيّ. وكان ورعا له حال حسنة.

واستقرّ في خطابة الجامع العتيق عوضا عن [ ... ] حتّى مات في يوم الخميس حادي عشرين جمادى الأولى سنة ستّ وتسعين وخمسمائة، ودفن بالقرافة.

حكى عنه الشيخ تقيّ الدين أبو الطاهر محمد بن الحسين المحلّيّ أنّه اشتهى قطائف.

(قال) ولم يكن عندي شيء. واشتدّت مطالبة النفس بها، فقلت: لا شيء عندي.


(١) وفيات ١/ ٣٣ (رقم ٧) - ٧/ ٣٧ (٧٢٨).
(٢) حاجي خليفة: كشف ١٩١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>