للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٠٣ - أبو بكر الأطروش الماذرائيّ [- ٢٧٠] (١)

أحمد بن إبراهيم بن الحسن، أبو بكر الأطروش، الماذرائيّ، أوّل من تولّى بمصر من الماذرائيّين.

ولّاه أحمد بن طولون بإشارة أمير المؤمنين المعتمد، الخراج، فشارك فيه عليّ بن الحسين بن شعيب المدائنيّ، المعروف بأبي الحسن الصغير.

ثمّ انفرد بالخراج إلى أن مات.

وكان فيه ستر وصيانة وإفضال على أهله وسائر أهل ماذرايا.

واستخلف عليّ بن أحمد الماذرائيّ واستكتبه، وأنفذ أخاه الحسين إلى الشام.

وأخذ أحمد بن طولون يتجسّس أخبار أحمد بن إبراهيم على عادته فلا يجد له شاكيا ولا ساعيا، إلى أن حضر الديوان على عادته، وقد اجتمع فيه أعلام المعاملين، فدارت مناظرة بين كاتب نصرانيّ يقال له إسحاق، كان معتقلا، وبين شيخ [٦٩ ب] من المتقبّلين. فأربى النصرانيّ على المتقبّل فاغتاظ أحمد بن إبراهيم وأمر بردّه إلى حبسه. فصاح للأمير: عندي في أحمد بن إبراهيم نصيحة!

فلم تمض ساعة حتّى وافى حاجب، وأخذ أحمد بن إبراهيم وإسحاق النصرانيّ وأدخلهما إلى أحمد بن طولون. فقال لإسحاق النصرانيّ: ما نصيحتك؟

[قال]: لقد أخذ هذا الرجل من ضياع الدار في

هذه الأيّام أربعين ألف دينار.

فأنكر ذلك أحمد بن إبراهيم، وذكر السبب الذي أحوج النصرانيّ إلى ذلك. فغضب أحمد بن طولون: أسألك عن حجّة وتجيئني بخرافات.

فرفع في الخبر إلى ابن طولون أنّ كاتب أحمد بن إبراهيم، المعروف بعليّ بن أحمد، يلوذ بالباب ويسأل الحجّاب الدخول إلى الأمير، فقال: يدخل.

فلمّا دخل، كان أوّل ما ابتدأ به أن قال: أيّها الأمير، جميع ما وجب على أحمد بن إبراهيم من شيء، فهو عليّ دونه، لأنّه فوّض إليّ الأمر.

فعجب أحمد بن طولون من تأكيده على نفسه في وقت تبرّأ فيه الوالد من الولد. ثمّ التفت إلى إسحاق وقال: ما نصيحتك؟

قال: أخذ صاحبك من ضياع الدار أربعين ألف دينار.

فقال: أخذها جملة من حاصل هذه الضياع في بيت المال، أم متفرّقة من الضياع؟

قال: متفرّقة من الضياع.

(قال) فأحضر الأمير تفصيلاتها، فتلجلج وقال: ما لها عندي ثبت. وإن أحضرت حساب ما استخرج من كلّ ضيعة وعدّة الدفعات، بيّنت اقتطاعه.

فأدخل عليّ بن أحمد يده في حقّة، وأخرج منها مدرجا ناوله أحمد بن طولون وقال له: أيّد الله الأمير، هذه نسخة ما حمل إلى بيت المال من هذه الضياع في دفعاته، وأنا أحفظه- وأخذ يبيّضه ظاهرا، ويذكره عن ضيعة ضيعة وفي دفعة دفعة.

فأعجب ابن طولون ذلك وصبر عليه وهو يستزيده حتّى أتى على المدرج. وقال للنصرانيّ:

أخبرني ما الذي زاد على هذا حتّى ينكبه الأمير؟


(١) عن الماذرائيّين، انظر دائرة المعارف الإسلامية (الطبعة الفرنسية ج ٥/ ٩٥٧). والسمعاني جمعهم تحت المادرائي بالدّال المهملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>