للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلقي مرّة في طريقه صوائح (١) فوجّه معهنّ من يخفرهنّ إلى حيث يقصدن.

ثمّ وجد صوائح أخر فأمر بتفتيشهنّ فوجد معهنّ رجلين كان قد جدّ في طلبهما ولم يقدر عليهما، فسئل عن ذلك فقال: أمّا الأوّل [٩٥ أ] فكان صياحهنّ بحرقة وعلى غير تصنّع. وهؤلاء صياحهنّ بتصنّع، فعلمت أنّ معهنّ رجالا، فإنّ من شأن النساء التصنّع للرجال، فكان كما ظننت.

وكان عنده رجل يثق به قد جعله على أن يطالعه بالأمور. فعرفه الناس بذلك وهادوه استكفاء لشرّه حتى اكتسب مالا عظيما، وانكشف ذلك لأحمد بن طولون. فهرب منه خوفا على نفسه فشقّ ذلك على أحمد بن طولون لعلمه بكثير من أسراره. فرأى في منامه كأنّه حفر قبرا وأخرج منه ثعبانا عظيما وقبض عليه بعنقه وجعله في جرّة وسدّ رأسها.

فلمّا أصبح ركب على عادته مغلّسا إلى العين التي بناها في المعافر. فرأى جنازة امرأة وخلفها عشرة أنفس. فاستراب بها وقال لمن معها: أين حفرتم لهذه المرأة؟

فاضطربوا. فأمر بالجنازة فحطّت وكشف عنها فوجد الرجل الهارب منه قد [وقف] رأيه أن يخرج من البلد بهذه الحيلة من شدة الضبط عليه. فأمر به إلى المطبق وأخذ جميع ماله.

ورأى مرّة في الصحراء حمّالا على رأسه شيء قد أثقله، وهو تحته يضطرب اضطرابا شديدا.

فقال: لو كان هذا اضطراب [ا] من ثقل ما حمل، لغاصت رقبته في بدنه، وما هذا إلّا رعب ممّا يحمله.

فأوقفه وفتّش ما معه، فوجد امرأة مقتولة

مفصّلة. فقال له الحمّال: إنّ أربعة في دار أعطوني هذه الحملة ودينارا.

قال: أرني الموضع!

فعاد به فوجد القوم لم يتفرّقوا فقبض عليهم وضرب الحمّال مائة مقرعة وأطلقه.

وسلك مرّة شارع الحمر، وأمر طخشي أن يقف على دار عيّنها له وأن يوكّل بها ويحضر إليه من فيها، ففعل ذلك. فاستدعى بشيخ منهم فسأله من أين هو؟

فقال: من بغداد.

قال: وما جاء بك؟

قال: صاحب خبر عليك، بعثني الموفّق.

فسئل عن ذلك فقال: رأيته في طاق، فلمّا قربت منه أغلق الطاق، فارتبت منه. فكان كذلك.

وصعد مرّة إلى برج حمام هيتي لينظر إليه، فجلس على كرسيّ وهي تعرض عليه. ثمّ أمر بردّها فدرج واحد منها ووقف خلفه فأمر بعض خاصّته أن يتناوله. فلمّا مدّ يده لأخذ الفرخ ارتعدت هيبة. فرآه أحمد بن طولون وقال له:

«تنحّ! » فتنحّى. ونزل أحمد بن طولون عن الكرسيّ، ووضع خدّه على التراب في الموضع الذي [به] كانت قدم ذلك الذي ارتعدت يده.

وبكى وصار يعفّر (٢) خدّيه ويسأل الله العفو وإلهامه الشكر على نعمه عنده.

[[سهره على صفاء عيار العملة]]

وركب مرّة إلى الأهرام. فأتي برجال عليهم ثياب صوف ومعهم المساحي والمعاول، فقالوا:

نحن قوم نطلب المطالب (٣).


(١) أي: باكيات بنواح.
(٢) في المخطوط: يحفر، والرواية بعد مبتورة ناقصة.
(٣) المطلب: الكنز.

<<  <  ج: ص:  >  >>