للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[أوّل دعاء للمعزّ في صلاة الجمعة]

[٣٦٣ أ] فلمّا كان يوم الجمعة التالي لدخوله وهو لعشر بقين من شعبان [سنة ٣٥٨] سار جعفر (١) ابن القائد جوهر في عسكر إلى الجامع العتيق لصلاة الجمعة، وخطب للناس هبة الله بن أحمد خليفة عبد السميع بن عمر العبّاسي (٢) ببياض حتّى بلغ إلى الدعاء [ف] قرأ من رقعة ما نصّه:

اللهمّ صلّ على عبدك ووليّك ثمرة النبوّة وسليل السادة المهديّة عبدك معدّ أبي تميم المعزّ لدين الله أمير المؤمنين، كما صلّيت على آبائه الطاهرين، وأسلافه الأئمّة الراشدين. اللهمّ ارفع درجته وأعل كلمته، وأوضح حجّته، واجمع الأمّة على طاعته، والقلوب على موالاته ومحبّته، واجعل الرشاد في موافقته، وورّثه [٣٠٩ ب] مشارق الأرض ومغاربها، وأحمده مبادى الأمور وعواقبها، فإنّك تقول، وقولك الحقّ: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ [الأنبياء: ١٠٥]. فلقد امتعض لدينك ولما انتهك من

حرمتك، ودرس من الجهاد في سبيلك، وانقطع من الحجّ إلى بيتك، وزيارة قبر رسولك صلّى الله عليه وسلم، فأعدّ للجهاد عدّته، وأخذ لكلّ خطب أهبته، فسيّر الجيوش لنصرتك، وأنفق الأموال في طاعتك، وبذل المجهود في مرضاتك، فارتدع الجاهل وقصر المتطاول، وظهر الحقّ وزهق الباطل.

فانصر اللهمّ جيوشه التي سيّرها، وسراياه التي انتدبها لقتال المشركين، وجهاد الملحدين، والذبّ عن المسلمين، وعمارة الثغور والحرمين، وإزالة الباطل، وبسط العدل في الأمم. اللهمّ فاجعل راياته عالية مشهورة، وعساكره غالبة منصورة، وأصلح به وعلى يديه، واجعل لنا منك واقية عليه.

[الدينار المعزّيّ]

ومن الغد أمر جوهر بفتح دار الضرب، وضرب السكّة الحمراء ونقشها: دعا الإمام معدّ، لتوحيد الإله الصمد، في سطر.

وفي السطر الآخر: المعزّ لدين الله أمير المؤمنين.

وفي السطر الثالث: ضرب هذا الدينار بمصر في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة.

وفي الوجه الآخر: لا إله إلّا الله محمّد رسول الله أرسله بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، [التوبة: ٣٣] عليّ أفضل الوصيّين ووزير خير المرسلين.

وجلد متزانيين وطاف بهما وظهر المرأة مكشوف.

وكاتب مزاحم بن محمّد بن رائق (٣)، وكان قد


(١) جعفر بن جوهر: ذكره ابن عبّاد ٤١، وابن خلّكان ٥/ ٦١، والداعي إدريس ٦٩٨ مرافقا لهديّة أبيه إلى المعزّ. وسيذكره المقريزي قريبا ويلقّبه في ص ١١١ بأبي أحمد جعفر، ولكنّه لم يذكره في الاتّعاظ.
وحتّى في موضوع الصلاة الشيعيّة بالجامع العتيق، نقل المقريزي في الاتّعاظ ٢/ ١١٤ عن ابن زولاق أنّ الذي سار إلى جامع عمرو هو جوهر نفسه.
هذا والمعروف من أبناء جوهر هو الحسين وله الترجمة ١٢٢٨، وللحسين ابن يسمّى أيضا جعفرا، وله الترجمة ١٠٦٩.
(٢) عبد السميع بن عمر العبّاسيّ: يبدو أنّه خلف أباه القاضي عمر بن الحسن الهاشميّ العبّاسي على الخطبة بجامع عمرو. انظر الولاة والقضاة ٥٧٥ و ٥٨٩. أمّا هبة الله خليفته فلم يذكره الكندي، وانظر ترجمة ابنه محمد بن عبد السميع رقم ٢٤٧٧.
(٣) مزاحم بن محمد بن رائق: كان الإخشيديّون وكّلوا إليه الدفاع عن المخاضة ليمنع جوهرا من العبور، فتخلّى عنها وهرب إلى الشام، ثمّ استأمن لجوهر فأمّنه وولّاه على الفرما (الاتّعاظ ١/ ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>