وقال حرملة بن يحيى: سمعت الشافعيّ يقول:
وددت أنّ كلّ علم أعلمه تعلّمه الناس، أؤجر عليه ولا يحمدو [ن] ني.
وعن محمد بن مسلم بن دارة الرازي: سألت أحمد بن حنبل، قلت: ما ترى لي من الكتب أن انظر فيه رأي مالك والثوريّ والأوزاعيّ؟
فقال لي قولا أجلّهم أن أذكر ذاك، وقال:
عليك بالشافعيّ فإنّه أكثرهم صوابا وأتبعهم للآثار.
قلت لأحمد: فما ترى في كتب الشافعيّ؟ التي عند العراقيّين أحبّ إليك أم التي عندهم بمصر؟
قال: عليك بالكتب التي وضعها بمصر، فإنّه وضع هذه الكتب بالعراق ولم يحكمها، ثمّ رجع إلى مصر فأحكم ذاك.
فلمّا سمعت ذلك من أحمد بن حنبل، وكنت قبل ذلك قد عزمت على الرجوع إلى البلد، وتحدّث بذلك الناس، تركت ذاك وعزمت على الرجوع إلى مصر.
وفي رواية، قال: لمّا قدمت من مصر أتيت أبا عبد الله أحمد بن حنبل أسلّم عليه، فقال لي:
كتبت كتب الشافعيّ؟
قلت: لا. [١٦١ أ]
فقال: فرّطت! ما عرفنا العموم من الخصوص، وناسخ حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من المنسوخ حتى جالسنا الشافعيّ.
فحملني ذلك على أن رجعت إلى مصر فكتبتها.
وقال عبد الملك بن عبد الحميد بن ميمون بن مهران الميمونيّ الرقّيّ صاحب أحمد بن حنبل ورفيقه: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول:
عليك بكتب الشافعيّ! فما أعلم أحدا وضع كتابا حتى ظهر أتبع للأثر، منه.
[[كتاب الرسالة]]
وقال أحمد يوما: يا أبا الحسن، لم لا تنظر في كتب الشافعيّ؟
فقلت: يا أبا عبد الله، فيها قصص طوال، ونحن قد اشتغلنا بالحديث وطلبه.
فقال: انظر في كتاب الرسالة، فإنّه من أحسن كتبه.
قلت: قد نظرت.
(قال): وقال لي أحمد: لم انظر في كتاب أحد ممّن وضع كتب الفقه غير الشافعيّ.
وعن إسحاق بن راهويه: كتبت إلى أحمد بن حنبل أن يوجّه إليّ من كتب الشافعيّ ما يدخل حاجتي فوجّه إليّ بكتاب الرسالة.
وعن المزنيّ: كتبت كتاب الرسالة منذ زيادة على أربعين سنة وأنا أقرؤه وانظر فيه ويقرأ عليّ، فما من مرّة قرأت [هـ] أو قرئ عليّ إلّا واستفدت منه شيئا لم أكن أحسنه.
وقال أبو الحسن الشافعيّ: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيما يرى النائم، فقلت: يا رسول الله، بم جوزي محمد بن إدريس الشافعيّ حين يقول في ذكر الصلاة عليك في كتاب الرسالة: وصلّى الله على محمّد كلّما ذكر [هـ] ذاكر، وغفل عن ذكره غافل.
قال: جوزي أنّه لا يوقف للحساب يوم القيامة.
وقال الربيع: رأيت الشافعيّ في المنام، فقلت له: ما فعل الله بك؟
قال: أنا في الفردوس الأعلى.
قلت: بماذا؟
قال: بكتاب صنّفته، وسمّيته بكتاب الرسالة.