للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المغرب وما والاها، وقد حدثت بينهما حروب.

فسار وتلطّف حتى حمل ما بينهما من الدّيات وأزال الضغائن من بينهما- وكان رجلا سديدا عاقلا مستحكم الرجحان- فلمّا تمّ له ما أراد من ذلك، زاد في إقطاعاتهم وبعثهم على معاندة معزّ بن باديس صاحب إفريقيّة [٣٧١ أ] حتّى ساروا إليه وحاربوه وأخرجوه منها وأخربوا القيروان إلى اليوم.

ثمّ إنّه لمّا حدث الغلاء بمصر في سنة سبع وأربعين وأربعمائة جهّز ميخائيل متملّك الروم بالقسطنطينيّة مائة ألف قفيز غلّة إلى أنطاكية حتى يحمل إلى مصر توسعة للناس، وجهّز هديّة الهدنة على العادة، وهديّة سنيّة من ماله. فثار به الروم وقتلوه وأقاموا بعده ابن سقلاروس فمنع (١) الهديّتين والغلّة من المسير إلى مصر، وقال: أنا أنفق ذلك على حرب المسلمين.

فبلغ ذلك الوزير الناصر للدين أبا محمد الحسن اليازوريّ، فسيّر مكين الدولة ابن ملهم إلى اللاذقيّة في عسكر كبير، فحاصرها مدّة. فبعث أهلها إلى ابن سقلاروس بما هم فيه، وكاتب المستنصر في ذلك وما الذي أوجبه؟

فأجيب بأنّ المقتضي لهذا هو منع الغلّة والهديّة، وطالت المكاتبات بينه وبين المستنصر.

فبعث الوزير جيشا ثانيا عليه الأمير السعيد ليث الدولة. ففتحت اللاذقيّة ووقع العيث فيها. وجال ابن ملهم في أعمال أنطاكية، ثمّ أردفه بجيش ثالثعدّته ثلاثة آلاف، وعليهم الأمير موفّق الدولة حفّاظ بن فاتك، والأمير أبو الجيش عسكر [بن الحلي] (٢)، ومقادة جميع الجيوش إلى الأمير مكين الدولة، فساروا إليه، وأوغل في بلاد الروم

يقتل ويأسر حتى أنكى النكاية البالغة. وما زال على ذلك حتّى قتل الوزير اليازوريّ. [فجهّز] ابن سقلاروس ثمانين قطعة في البحر، فحاربت ابن ملهم وأسرته ومن معه من أعيان العرب لليلتين بقيتا من شهر ربيع الآخر سنة خمسين وأربعمائة.

ثمّ إنّه تسلّم قلعة حلب من معزّ الدولة أبي علوان ثمال بن صالح بن مرداس، وسار ثمال إلى مصر.

فلم يزل بحلب إلى أن أخذ المدينة محمود بن نصر بن صالح في جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسين، فانحاز إلى القلعة، وكتب إلى مصر يطلب نجدة. ثمّ تسلّم محمود القلعة في شعبان من السنة المذكورة.

١١٩٩ - أبو البدر ابن المعمّر الإسكافيّ [- ٥٩٦] (٣)

الحسن بن علي بن المعمّر بن عليّ بن عبد الملك بن ناهوج، أبو البدر، ابن أبي منصور، ابن أبي سالم، الإسكافيّ- نسبة إلى إسكاف بني الجنيد، قرية من قرى بغداد، تعرف بالعلياء، وهي بكسر الهمزة وسكون السين المهملة.

كان من أهل بغداد [و] أحد الكتّاب المتصرّفين في خدمة الديوان. قدم مصر، وسكنها إلى أن مات بها في يوم الأربعاء سابع عشر رمضان سنة ستّ وتسعين وخمسمائة، ودفن بالقرافة، عن سبع وستّين سنة.

وكان فيه أدب، وسمع أبا محمد ابن الخشّاب (٤)


(١) (فمنع) من ماله، وهي عبارة مقحمة في المخطوط.
(٢) زيادة من الاتّعاظ ٢/ ٢٢٨.
(٣) التكملة ١/ ٣٦٣ (٥٤٧)، بغية الوعاة ٢٢٥.
(٤) عبد الله بن أحمد ابن الخشّاب (ت ٥٦٧)، أعلام النبلاء ٢٠/ ٥٢٣ (٣٣٧)، بغية الوعاة ٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>