للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ألف ألف درهم. وولّى المنصور الربيع الحاجب ديوان الرسائل عند ما حبس أبا أيّوب وقلّده النفقات إلى ما كان يقوم به من الحجابة. ثمّ عزله عن الرسائل وصيّرها إلى أبان بن صدقة، وأقرّ الربيع على النفقات مع الحجابة.

[[فتن أخرى واجهت المنصور]]

وكان سنباذ لمّا قتل أبو مسلم، بحلوان، فحمل أموالا كانت عنده ومضى يريد خراسان. فلمّا كان بالريّ منعه أبو عبدة عامل الريّ من النفوذ. وكان قد أمر أن لا يدع أحدا من أصحاب أبي مسلم أن يجوزه. فهرب سنباذ في الليل فاتّبعه أبو عبدة وقاتله فانهزم ودخل القصر. فحصره سنباذ وقتله وغلب على الريّ وعاد إلى المجوسيّة وقتل العرب. وكتب إلى ملك الديلم أنّه قد انقضى ملك العرب فقدم عليه بديالمته وكانت لهم حروب مع المسلمين قتل فيها كثير من المسلمين.

فوجّه إليه المنصور جهور بن مرّار العجليّ فقاتل سنباذ (١) وهزمه وقتل من جموعه ثلاثين ألفا فقتل إصبهبذ طبرستان [١٠٤ ب] سنباذ وقد صار إليه. ثمّ تنكّر المنصور لجهور وعزله عن الريّ، فخلع وكانت له مع أصحاب المنصور حروب آلت إلى قتله.

وخرج في سنة سبع وثلاثين ومائة ملبّد بن حرملة بن معدان بن شيطان بن قيس بن حارثة أحد بني أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان بالجزيرة، وحكّم. فأتاه الخوارج وغلب على الموصل، وقتل خلقا كثيرا وهزم عدّة عساكر بعث بها إليه المنصور. فجدّ المنصور في أمره ووجّه لقتاله خازم بن خزيمة فهزمه وقتل عامّة الخوارج.

فقامت بعد ملبّد عدّة من الخوارج كانت لهم.

ولأصحاب المنصور حروب كثيرة.

[تحويل ولاية العهد من عيسى بن موسى إلى المهديّ]

وكان أبو العبّاس السفّاح لما عهد لأخيه أبي جعفر المنصور جعل عيسى بن موسى من بعد أبي جعفر. فلمّا قام أبو جعفر رشّح ابنه محمد المهديّ للخلافة، فكان يجلسه عن يساره ويجلس عيسى بن موسى عن يمينه ويكرمه ويجلّه. ثمّ كلّمه في العقد للمهديّ فقال: يا أمير المؤمنين، كيف بالأيمان والعهود والمواثيق؟ ولئن فعلت هذا ليكوننّ حجّة لمن ترك الوفاء وخاس بالعهد.

فقدّم المهديّ عليه وأجلسه عن يمينه. وصار إذا ركب تعرّض له الجند بما يكره وأسمعوه الكلام وتنقّصوه. فشكا ذلك إلى المنصور فقال للمسيّب: تقدّم إلى القوّاد والجند في أن يمسكوا عن ابن أخي ولا يؤذوه، فإنّه ثمرة قلبي وجلدة ما بين عينيّ.

ودعا بقوم من الحرس فشتمهم فكفّوا. وكتب إلى عيسى كتابا يذكر فيه ما قذف الله في قلوب أنصار الدعوة وأهل المشايعة على الحقّ وأشربها من محبّة المهدي ومودّته وتفضيله حتّى صاروا له صاغين ولأعناقهم مادّين لا يذكرون إلّا فضله ولا يعرفون إلّا حقّه ولا ينوّهون إلّا باسمه، وأنّه لمّا رأى ذلك علم أنّه أمر تولّاه الله له ليس للعباد فيه صنع، وأنّه لا بدّ من استصلاحهم ومتابعتهم.

ويعلمه أنّه يرى له إذا اجتمع الناس على ابن عمّه أن يكون أوّل من يبدر إلى البيعة له وأن يعرف له ما عرفوه ويؤمّل فيه ما أملوه.

فكتب جوابه يذكّره الوفاء ويعلمه أنّ كثيرا من الناس قد نازعتهم أهواؤهم ودعتهم أنفسهم إلى مثل الذي همّ به في ولده، فآثروا الله وحقّه،


(١) سنباذ بالذال المعجمة عند الطبري ٧/ ٤٩٥ وبالدال المهملة عند ابن الأثير ٥/ ٤٨١. والأصبهبذ رتبة عسكريّة سياسيّة عند الفرس.

<<  <  ج: ص:  >  >>