للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كلام في غير رضى الله لغو.

[[شيء من شعره]]

ومن شعره، وقد مرض أخوه محمّد [الطويل]:

سقمت فعمّ السقم من كان مؤمنا ... كما عمّ خلق الله نائلك الغمر

فيا ليتني كنت العليل ولم تكن ... عليلا وكان السقم لي ولك الأجر

وقال في رقيّة بنت الديباج العثمانيّة، وقد تزوّج بها، وكان كلفا بها [الطويل]:

رقيّة همّ النفس لا ذقت فقدها ... فها أنا ذو شوق لها وهي حاضره

وقالوا: غدت شغلا له عن أموره ... ولو أبصروها لم يردّوا معاذره

وقال يرثي أخاه [الطويل]:

سأبكيك بالبيض الرقاق وبالقنا ... فإنّ بها ما يدرك الوتر الوترا

وإنّا أناس لا تفيض دموعنا ... على هالك منّا وإن قصم الظهرا

ولسنا كمن يبكي أخاه بعبرة ... يعصّرها من جفن مقلته عصرا

ولكنّني أشفي فؤادي بغارة ... تلهّب في قطري كتائبها جمرا

[احتجاجه لحبّه النساء]:

وقيل له: لقد تهتكت في النساء!

فقال: حبّ النساء سنّة نبويّة، لم تعطّل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن إدراك الظفر، ولم تحل بينه وبين بلوغ الوطر. وإنّ أعجز الناس من قعدت به لذّات الدنيا عن البلوغ إلى المراقي العليا، وأنهضهم من جمع بين إدراك لذّاته والفوز بالبلوغ إلى غاياته. عقد الله عنّا ألسنة العوامّ، وأغمد عنهم سيوفنا بالطاعة وحسن الايتئام (١).

وقال في خطبة خطبها يوم عيد: اللهمّ إنّك ذاكر أبناءنا بآبائهم، فاذكرنا عندك بمحمّد صلّى الله عليه وسلم، يا حافظ الآباء في الأبناء، احفظ ذرّيّة نبيّك! .

فاشتدّ بكاء الناس.

ولمّا أشرف على القتل، قيل له: ألا تفرّ، وأمامك فارس، والأهواز، وهما تحت طاعتك؟

فقال: من فرّ من أهل بيتي حتى أفرّ؟ أتريدون أن أكون أوّل من فتح هذا الباب على الفاطميّين؟

لا والله، إن خلقنا إلّا لسلّ السيوف، وشقّ الصفوف، وتجرّع الحتوف، والقياد إلى الله، وهو أعدل الحاكمين.

ومن كلامه: كلّ منطق ليس فيه فكر فهو لغو، وكلّ نظر ليس فيه عبرة فهو غفلة، وكلّ سكوت ليس فيه تفكّر أو وسعة بيّنة [ ... ] (٢) وبكى على خطيئته وسلم المسلمون منه.

[[بسالته وشجاعته]]

وكان إبراهيم تلو أخيه محمد [في] شدّة البدن والعبادة وحبّ العزلة وطلب العلم، وهو أصغر من أخيه. وظهرت له شجاعة وصبر على الاغتراب برّا وبحرا حتى دخل على المنصور في هيئة متنصّح، وقد أخفى شكله، فقال له: ما لي عندك إن جئتك بإبراهيم بن عبد الله؟

فوعده بإحسان جزيل، فطلب منه أن يكتب إلى ولاة بحر فارس بالإعانة في مقاصده حيث توجّه.

فكتب له الكتب وأوصى الولاة، فتمكّن بذلك من الهرب وبثّ الدعاة إلى أن أحكم أمره ثمّ أتى البصرة.


(١) الايتئام أو الاتّئام افتعال من وأم: حصول الوفاق. انظر اتّاد في اللسان (وأد).
(٢) هكذا في المخطوط، ولعلّ في القول نقصا. وهو بعد قول معاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>