للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعد عين، فبعث شعارا بليّة واستدعى دثارا من سامية [١٥ أ] لتلاقي فيها جسوم ما تلاقي، قانعا في الوقت الحاضر بقليل هو كثير، راجيا من الله جمع الشمل، وهو على جمعهم إذا يشاء قدير [الوافر]:

فليت هوى الأحبّة كان عدلا ... يحمّل كلّ قلب ما أطاقا

وبالجملة أليس إذا صار المرء في غامض علمه، يقال من حيث الصورة كان أمل بطانته وظهارته أن يصل منه نبأ يقرّ العين ويسرّ السمع ويبهج النفس من كونه في نعيم، وفي غرف من علّيّين، وفي جنّة عالية، قطوفها دانية، وأكلها دائم، وبين أشجار وأنهار وأثمار، فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ. [القمر: ٥٥].

فصاحبكم وبعيدكم في هذه الحالة يتقلّب، وفي هذه النعمة يصلكم خبر التواتر عنه بهذه الحظوة، فليرض بهذا المقدار في الإجماع فاحسبوه في غامض علم الله تعالى من حيث المعنى.

ولمّا توجّه فلذة الكبد، وسرّ الروح، وسواد الناظر، وسويداء القلب، وشارفنا ثنايا الوداع، أهملت مشروع التشييع حذرا أن تفيض عيون فتقترح جفون، ويظهر المكتوم، وتلجئني ضرورة إلى ما لا يليق بذي المرائر الأبيّه والنحائز العظيمة [الطويل]:

ولمّا شربناها ودبّ دبيبها ... إلى موضع الأسرار قلت لها: قفي!

مخافة أن يسطو عليّ دخيلها ... فيظهر منّي بعض ما كان قد خفي

فالله المشكور، وبه المستعان في جميع الأمور، وهو الخليفة لي عليكم وعليّ لكم، والسلام».

[٣٠٨٢ - الوزير عماد الدين أخوه [- ٦٥١]]

محمد بن محمد بن سعيد بن ندى بن جعفر، الوزير عماد الدين، أبو القاسم، [٥١ ب] [ابن] الوزير الصاحب شمس الدين، ابن أبي بكر المعروف بوزير الجزيرة (١)، الجزريّ.

كان فاضلا أديبا شاعرا عاقلا.

قدم مع أخيه محيي الدين أبي المظفّر إلى القاهرة، أيّام الملك الكامل محمد ابن العادل، وأقام بها إلى أن كانت أيّام الملك الصالح نجم الدين أيّوب ابن الكامل.

رتّبه في قلعة الروضة التي استحدثها.

وتوفّي آخر سنة إحدى وخمسين وستّمائة.

قال ابن سعيد: ولم يكن هو ولا أخوه ممّن يدير كأس الراح، ولا ممّن يقول بالاغتباق والاصطباح. وإنّما كان من الشعراء الذين يقولون ما لايفعلون، وفي المكارم يفعلون ما لا يقولون.

وأنشد له من شعره [الرمل]:

[و] إذا أبصرت هذا ال ... نيل ذا هزّ ومدّ (٢)

لا أمدّ الراح إلّا ... نحو راح مثل ورد

فتحت بالمزج منها ... أعين باتت بسهد

بين أشجار وريح ... ان على جرد ومرد

وأنشد له التيفاشيّ [الكامل]:


(١) مرّ في الترجمة السابقة ٣٠٨١ أنّ الملقّب بوزير الجزيرة هو محيي الدين أخوه، وهو هنا لقب والدهما أبي بكر محمد بن سعيد.
(٢) في المخطوط: إذا ما أبصرت ...

<<  <  ج: ص:  >  >>