للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحضر مجلسه قاضي القضاة والشهود ووزراء الحضرة وكتّابها. وكتب لتكين الشرابيّ.

وتصرّف قديما بفارس في أعمال جليلة، وآخر عمل تقلّده كتابة أمير المؤمنين المطيع لله على ضياعه وداره في سنة إحدى وخمسين [وثلاثمائة]. فكان المطيع يؤانسه، وإذا مشى في الدار مشى معه، ويحادثه ويفيض معه في ألوان غير ما يتعلّق بالعمل، ويفضي إليه المطيع بأموره.

فلمّا فسدت أمور الحضرة وانقرض تدبير السلطان بها، خرج من بغداد إلى مصر.

١٢١٥ - الحسام الغوري قاضي الحنفيّة [- ٧٧١] (١)

[٤٧٠ أ] حسن بن محمد بن محمد، الغوريّ، قاضي القضاة، حسام الدين، البغداديّ، الحنفيّ، محتسب بغداد.

قدم صحبة نجم الدين محمود بن عليّ بن شروين وزير بغداد في سابع عشر صفر سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة. ثمّ خلع عليه، واستقرّ قاضي القضاة الحنفيّة بالقاهرة ومصر، عوضا عن برهان الدين إبراهيم بن عليّ بن عبد الحقّ، في ثامن عشر جمادى الآخرة منها. فسار في القضاء سيرة غير معهودة، من تسلّطه بلسانه على الناس، وتكلّمه بما لا يحمل، وفعله في قضائه بما يسخر منه.

فلمّا مات السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون وأقيم ابنه الملك المنصور أبو بكر في السلطنة، كتب الغوري ورقة إلى الموفّق هبة الله بن إبراهيم ناظر الدولة- وقد تأخّر صرف

معلومه- يذكر فيها مساويء القبط بما فيه فحش وبشاعة، فبلّغوا ذلك للسلطان. فلم يكتف بما كتبه حتّى ذكر للسلطان في دار العدل بحضرة رفاقه القضاة والأمراء، عن الكتّاب قبائح لم يكفّ (٢) فيها عن سبّ. فغضب [٣٧٥ ب] السلطان على مشافهته بذلك وطلب خروج القضاة [من] الوزير نجم الدين محمود وزير بغداد، وأنكر على الغوريّ ما صدر منه وأنّه لولا أنّه رفيقك لضربته بالمقارع. فطلبه الوزير وبالغ في تعنيفه وتوبيخه، وعرّفه تغيّر السلطان عليه.

ثمّ لمّا أقيم الناصر أحمد في السلطنة حضر القضاة بجامع القلعة ليبايع له الخليفة على العادة.

فجمع بعض زفوريّة (٣) المطبخ السلطانيّ جمعا من رفاقه وهجم الجامع بهم، فأقاموا الغوريّ من بين القضاة ومزّقوا ثيابه وخرقوا عمامته في عنقه وصاحوا بسبّه (٤) وتناولوه بالنعال يضربو [ن] هـ وهو يستغيث: يا مسلمين، يجري على قاض من قضاة المسلمين مثل هذا؟ !

فأدركه بعض الأمراء في عدّة من المماليك وقبضوا على طائفة من العامّة فضربوا. وحمل الغوريّ إلى بيته بالصالحيّة، فما هو إلّا أن استقرّ به [حتّى] ثارت العامّة واقتحموا عليه البيت ونهبوا جميع ما فيه، وكان يوما شنيعا.

وشرع القضاة في كتابة محاضر بما كان يفعله ليثبتوا فسقه وكانت أنفسهم قد امتلأت عليه حنقا،


(١) السلوك ٢/ ٤٤٢، ٤٩٠، ٦٠٣، ٦١١، النجوم ١٠/ ٦٠، الطبقات السنيّة ٣/ ١٠٧ (٧١٣)، الجواهر المضيئة ٢/ ٨٨ (٤٧٨) هامش ١، ومنها سنة وفاته.
(٢) في المخطوط: لم يكن.
(٣) لم نجد هذه الكلمة في المعاجم، وإنّما يعرف الزفر، وهو الغليظ الشرس البذيء من الناس. وتقرب منها سبّة «الزوفري» عندنا بتونس، وفي السلوك والنجوم: صبيّ من مطبخ السلطان.
(٤) في السلوك والنجوم أنّ الطبّاخ حقد على القاضي لأنّه حكم لزوجته في قضيّة بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>