للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الموصليّ قتّال السبع، وبيبرس الدوادار، وبرلغي، وسنقر الكماليّ الحاجب، وبكتوت الفتّاح، في عدّة كبيرة، وما زالوا بهما حتى سكن الشرّ. وأخرج الجاولي إلى الشام بطّالا، وعزل سعد الدين محمد بن [محمد بن] عطايا من الوزارة. فعاد بيبرس إلى ما كان عليه من موادّة سلّار.

ومنع مراكب النزهة أن تدخل في الخليج الكبير الذي تسمّيه العامّة الخليج الحاكميّ، وكان يمرّ فيها من اختلاط الرجال بالنساء، وهنّ مزيّنات باديات الوجوه، ومن شرب الخمور قبائح يتلف فيها مال عظيم، ويقتل بسببها عدّة من الناس.

فبطل ذلك، وصار الخليج لا يعبر فيه من المراكب إلّا ما يحمل غلّة أو متجرا، لا غير.

فلمّا كان أوّل المحرّم سنة سبع وسبعمائة كثر قلق الملك الناصر وضجره من شدّة الحجر عليه، فهمّ بالقبض على بيبرس وسلّار وثبت ذلك من خاصّكيّته (١)، ووافقهم الأمير بكتمر الجوكندار أمير جاندار. فنقل ذلك إليهما، فاحترسا على أنفسهما، وثارت فتنة انجلت عن إخراج ثلاثة من الخاصّكيّة إلى القدس، ونفي بكتمر إلى الصّبيبة (٢)، و [تمّ] الصلح مع السلطان. فقوي أمر بيبرس قوّة زائدة، واستظهر على سلّار النائب بكثرة حاشيته، وهم جلّ أهل الدولة، وعظمت مهابته. وعزم على إخراج الناصر إلى الكرك، فمنعه سلّار بحسن تلطّف.

فشرع في بناء الخانقاه بدار الوزارة من القاهرة فجاءت في أحسن هندام وأجلّ قالب، لم يعمل قبلها مثلها بديار مصر. ومساحتها فدّان وثلث.

[[تنازل الناصر عن السلطنة]]

وما زال على وفور الحرمة ونفوذ الكلمة إلى أن توجّه الملك الناصر للحجّ وعرّج من الطريق إلى الكرك، وأقام بها، وكتب بنزوله عن السلطنة.

فوافى كتابه مع الأمراء الذين ساروا معه، في يوم الجمعة ثاني عشرين شوّال سنة ثمان وسبعمائة.

فاجتمع سائر الأمراء، وفيهم بيبرس. فدار الكلام بينهم فيمن يلي السلطنة، ومال الأمراء الكبار إلى سلطنة سلّار فعرّضوا بذلك له فامتنع منه. وكبر هذا وصعب على البرجيّة أتباع بيبرس، فقاموا من المجلس خوفا من انعقاد أمر سلّار فتفرّق الجميع على غير سلّار (٣). وخلا أتباع سلّار به ولاموه على امتناعه وخوّفوه من سلطنة بيبرس أنّه لا يبقيه ولا يبقي أتباعه. وما زالوا به حتى أظهر أنّه إذا أعيد عليه السؤال، قبل.

واجتمع البرجيّة على بيبرس واتّفقوا كلّهم على [٣١٤ أ] سلطنته، ومنع سلّار بكلّ طريق من أن يلي السلطنة، وتحالفوا أنّه متى تسلطن سلّار جذبوا (٤) سيوفهم يدا واحدة وقتلوه. ودخلوا إليه فطال خطبهم معه، وهو لا يوافقهم على السلطنة، وأنّ الأمر قد انتظم لسلّار، إلى [أن] قاموا من مجلسه ليلا على غير رضا، وصاروا إلى الأمير برلغي، وكانت ابنة بيبرس تحته، وأخبروه بما وقع، فوافقهم هو وبقيّة أصحابه من الأمراء على مرادهم. وأخرجت الأسلحة واستعدّ الفريقان للحرب.

فبلغ ذلك سلّار، فاستدعى أتباعه من الأمراء، وتلطّف بهم حتى رضوا بما يختاره. وجلس بشبّاك


(١) في السلوك ٢/ ٣٣: وشكا السلطان ذلك لخاصّكيّته.
(٢) الصبيبة قلعة بانس: النجوم ٦/ ٢٨١ هامش ٢.
(٣) هكذا في المخطوط، ولعلّ الأنسب: على غير اتّفاق.
وانظر السلوك ٢/ ٤٥.
(٤) في المخطوط: حدثوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>