للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمر السلطان بتخريب عكّا، فابتدأ هدمها وإحراقها في يوم السبت ثامن عشره. فكانت مدّة حصارها أربعة وأربعين يوما (١).

وأكرم الله بالشهادة من الأمراء كشتغدي الشمسيّ، وأيبك العزيّ نقيب الجيوش، وآقوش الغتميّ (٢)، وبيليك المسعوديّ، وقيران السكريّ، وأربعة من مقدّمي الحلقة، وجماعة يسيرة من الأجناد.

وفتح الله تعالى أيضا صور في تاسع عشره، وصيدا في عشرينه، وحيفا وعثليت (٣)، كلّ ذلك بغير قتال. فأمر بهدم صور وحيفا وعثليث فهدمت كلّها.

وقبض على الأمير لاجين نائب دمشق وبعثه إلى قلعة الجبل. ثمّ رحل عن عكّا إلى دمشق فدخلها يوم الاثنين ثاني عشر جمادى الآخرة وقد زيّنت زينة عظيمة وكان يوما مشهودا. وفيه ولّى الأمير سنجر الشجاعيّ نيابة دمشق.

وخرج السلطان من دمشق في يوم الأربعاء تاسع عشر شهر رجب، وسار إلى القاهرة، فوصلها يوم الاثنين تاسع شعبان ودخل من باب النصر وخرج من باب زويلة [٤٣٩ ب] إلى القلعة، وقد زيّنت القاهرة زينة عظيمة لم ير قبلها مثلها، وكان من الأيّام المذكورة.

[تطهير الساحل من الصليبيّين (سنة ٦٩١)]

وخرج الشجاعيّ من عكّا فأخذ بيروت من الفرنج في شعبان، ولم يبق في جميع الساحل أحد من الفرنج.

وفي يوم السبت ثامن شهر ربيع الآخر سار السلطان من قلعة الجبل إلى الشام بعساكر مصر، ومعه الأمير لاجين بعد ما أفرج عنه وأعاد إليه الأمر بمصر. فدخل دمشق يوم السبت سادس جمادى الأولى، وأنفق في العساكر يوم الاثنين ثامنه.

وخرج في سادس عشره إلى حلب فدخلها في ثامن عشرينه. وسار منها يريد أخذ قلعة الروم في يوم الجمعة رابع جمادى الآخرة. فنزل عليها يوم الثلاثاء ثامنه وحاصرها ونصب عليها عشرين منجنيقا، وعملت النقوب وتحيّل الأمير سنجر الشجاعيّ نائب دمشق في عمل سلسلة شبك طرفها بالغرب من شراريف القلعة وطرفها الآخر بالأرض، وطلع فيها المقاتلة وقاتلوا أهل القلعة قتالا شديدا. ففتحها الله في يوم السبت حادي عشر رجب عنوة، فقتلت المقاتلة وسبيت النساء والذراريّ، وأسر بطرك الأرمن. فكانت مدّة الحصار ثلاثا وثلاثين يوما. وسمّى السّلطان هذه القلعة قلعة المسلمين فعرفت بذلك إلى اليوم.

وكثرت الأسرى في أيدي العسكر، فكانت حصّة الزردخاناه السلطانيّة من الأسرى ألفا ومائتي أسير. واستشهد من الأمراء شرف الدين الخطير وابن أمير جاندار. وكتب بالفتح إلى البلاد، فزيّنت دمشق ودقّت البشائر.

ورحل السلطان عنها يوم السبت ثامن عشره، وأقام نائب دمشق لعمارة ما تهدّم منها بالمجانيق والنقوب، وتخريب ربضها وإعادته قريبا منها.

فأقام بحلب إلى نصف شعبان وعزل قرا سنقر نائبها وولّى عوضه بلبان الطباخي.

وخرج من حلب إلى دمشق فقدمها في العشرين منه، وبين يديه البطرك والأسارى، فكان يوما عظيما. ونزل القلعة، وجرّد الأمير بيدرا النائب بديار مصر على عسكر كبير إلى جبال كسروان


(١) انظر وصف الموقعة في الملحق رقم ١٠ بالسلوك ١/ ١٠٠٢، وهو من زبدة الفكر لبيبرس المنصوريّ.
(٢) آقوش الغتمي: مرّت ترجمته برقم ٨١٣.
(٣) عثليث أو الحصن الأحمر بسواحل الشام (ياقوت).

<<  <  ج: ص:  >  >>