للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ليس عليه فيه مؤنة فيقطع يديه ورجليه. فكيف وقد أخرجتم ابن أخيه؟

فقالوا: فما رأيك؟

قال: القتال.

فلمّا قربوا من عبد الله بن يزيد حملوا عليه وعلى أصحابه فقتلوه وأسروا من معه من القوّاد ورجعوا إلى عبدويه. فقال: ما لهذا بعثتكم! فأمّا إذ وقع فما رأيكم؟

فأشار بعضهم بمكاتبة الفضل، فإنّه يحثّ على الموادعة وطلب العافية و [قالوا: ] اعتذر إليه بأنّه قتل ابن عمّه بغير حضورك ولا رأيك.

فضحك محمد بن الفارسيّ، فقال له عبدويه:

لم ضحكت؟

قال له: اعلم أنّ الفضل لا يسلم لك صدره بعد إخراج ابن أخيه وقتل ابن عمّه. وليس اعتذارك أنّك غبت عن قتل ابن عمّه بالذي يقيم لك العذر عنده وقد قيل في أمثال دمنة وكليلة: «الضرس المأكول الفاسد لا راحة لصاحبه دون قلعه» (١).

وكذلك نحن وآل المهلّب: لا راحة لنا فيهم إلّا بقتلهم وإخراجهم بالمكايد والحيل.

فقال عبدويه [١٩٠ ب]: فتولّ أنت تدبير الرأي ومكاتبة الناس، واكفني ذلك أكفك أمر الحرب إن شاء الله.

فجعل محمد بن الفارسيّ يكتب إلى كلّ رجل من وجوه القوّاد يوهمه أنّهم يؤمّرونه عليهم. فكان الكتاب إذا جاء أحدهم يقول: «وما عليّ أن أكتفي هذا الأمر؟ » ويطمع فيما كتب به إليه. فأفسد قلوب جماعة حتّى قتل الفضل. فبلغ أمير المؤمنين هارون الرشيد وثوب عبدويه. فوجّه

يقطين (١*) إلى إفريقيّة وأمره بالتلطّف بعبدويه وإخراجه من البلد. فما زال بعبدويه حتى خرج من إفريقيّة في مستهلّ صفر [ ... ] واستخلف على القيروان عبد الملك بن عيّاش. فكانت أيّام عبدويه سبعة أشهر.

ووصل إلى بغداد في سنة تسع وسبعين ومائة.

ثمّ خرج فمات بمصر.

١٥٢٤ - عبد الله بن جدعان (٢*)

[١٩١ أ] عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة بن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مصر بن نزار بن معدّ بن عدنان، القرشيّ، ثمّ التيميّ تيم بن مرّة، أبو زهير.

فولد تيم بن مرّة سعدا والأحبّ، أمّهما الطوالة


(١) ابن المقفّع قتل حوالى سنة ١٣٢، فهذا انتشار سريع لكتابه.
(١*) يقطين بن موسى.
(٢*) عبد الله بن جدعان: ذكر في نسب قريش للزبيريّ، ٢٧٥ - والأغاني في ترجمة أميّة بن أبي الصلت. وفي السيرة النبويّة والروض الأنف (حلف الفضول) - وفي أنساب الأشراف ١/ ٥٦ (حميد الله)، ٢/ ١١ (باقر المحمودي) - وفي المروج ١٤٥٣ و ١٤٨٤ - والمعارف ٥٨٣، وجمهرة ابن حزم، ١٣٦، ٣٠٠. بلوغ الأرب للآلوسيّ ١/ ٨٧.
والمقريزي ينقل عن الأغاني وعن كتب أخرى مفقودة كأخبار أبي عبيدة وابن الكلبيّ وعروة بن الزبير، ولا يتحاشى التكرار لأنّه كان ينوي التبييض فيما بعد، ولا يصحّح القراءات المتضاربة في نقل الشعر وهو مع هذا يتأرجح بين تدقيق المؤرّخ الشغوف بسير الرجال- من ذلك إطالته في ذكر الأنساب- وإيجاز الإخباريّ القاصّ.
ونتساءل عن سبب إدراج عبد الله بن جدعان في مترجمي المقفّى: أكان قدومه مصر لبيع المجوهرات المسروقة مبرّرا كافيا لاعتباره من المصريّين أو من الواردين؟
ولكنّا رأينا أنّ المقريزيّ ترجم حتى لمن دخل مصر ميتا في تابوت، أو أدخل إليها رأسه فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>