للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورجع باقيهم إلى الشام. ودخل يزيد بن سياه المدينة فوقف على برذون أشهب وعليه ثياب بياض. فما لبث أن اسودّت ثيابه ودابّته ممّا مسح الناس به وما صبّوا عليه من الطيب.

قال ابن دريد: هو أوّل أمير أكل على منبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قتله حنتف بن السجف [التميميّ].

ودخل يوما على مروان بن الحكم وكان يجلسه على السرير معه، فرأى روح بن زنباع في موضعه من السرير معه، فأمر حملته ألّا يضعوه، وقال: إن رددتم علينا موضعنا وإلّا انصرفنا عنكم.

فقال مروان: مهلا! فإنّ لأبي زرعة مثل سنّك، وبه مثل علّتك- يعني النقرس.

قال حبيش: أو له مثل يدي عندك؟

قال: وله مثل يدك عندي، إلّا أنّ يده غير مكدّره بمنّ.

قال: إنّي لأظنّك يا مروان أحمق.

قال: أظنّ أيّها الشيخ ظننته أم يقين استيقنته؟

قال: بل ظنّ ظننته.

قال: فإنّ أحسن ما يكون الشيخ إذا أعجب بظنّه- وفي رواية: إنّ أحسن ما يكون الشيخ إذا استعمل ظنّه. وفي رواية: إنّ أحمق ما يكون الشيخ إذا استعمل ظنّه.

وقال صالح بن حسّان البصريّ: رأيت حبيش ابن دلجة على منبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم يأكل من مكتله (١) تمرا ويطرح نواه في وجوه القوم، وقال:

والله إنّي لأعلم أنّه ليس بموضع أكل، ولكنّي أحببت أن أذلّكم لخذلانكم لأمير المؤمنين.

وأخاف أهل المدينة خوفا شديدا وآذاهم،

وجعل إذا خطبهم يشتمهم ويتوعّدهم وينسبهم إلى الشقاق والنفاق والغشّ لأمير المؤمنين- يعني يزيد- حتى أتاه الحنتف فخرج إليه وأبى أهل المدينة أن يعينوه [٣١٩ ب] فقتل، وسرّ بقتله أهل المدينة سرورا كبيرا وحبست أسراه وهم خمسمائة، ثمّ ضربت أعناقهم.

[وقتل حبيش بن دلجة في سنة خمس وستّين] (٢).

١١١٩ - حباسة بن يوسف الكتاميّ [- ٣٠٧] (٣)

[٤١٢ أ] حباسة بن يوسف الكتاميّ، أحد قوّاد المهدي عبيد الله [ ... ].

وبعثه المهديّ على الجيوش لأخذ مصر، وجهّز معه مائتي مركب. فسار إلى برقة، وبها أبو النمر أحمد بن صالح من الأبناء (٤) على جيش كبير


(١) المكتل والمكتلة: الزنبيل من خوص للتمر وغيره.
(٢) الزيادة من مختصر تاريخ ابن عساكر ٦/ ١٩٤.
(٣) الكندي ٢٦٧؛ ابن عذاري ١/ ١٦٨؛ الكامل (سنة ٣٠٢).
ورواية المقفّى هنا تلازم كلام الكندي في كتاب ولاة مصر عند ترجمته لأبي منصور تكين الخاصّة، ص ٢٦٧ وما يليها.
ونجد في البيان المغرب ١/ ١٦٨ تفاصيل كثيرة عن حباسة بن يوسف الملّوسي وعن فعاله بأهل برقة، وانقطاعه عن القائم بمصر، ممّا جرّ قتله بالمهديّة حين عاد إليها. وتبع قتله انتقاض أخيه غزويه بن يوسف- الذي ساهم في الإيقاع بأبي عبد الله الشيعيّ- في جموع من ملوسة حتى إنّهم هدّدوا القيروان حسب رواية ابن الأثير (حوادث ٣٠٢). والترجمة مفيدة بما أوردته من شعر المصريّين المناهضين للجيش الفاطميّ، ولكنّها لا تعرّف بالشاعرين: ابن مهران ونافع بن محمد. وكذلك الكندي لا يعرّف بهما، وإنّما يضيف (ص ٢٧٨) أنّ ابن مهران قتل بسبب بيتين قالهما في تكين لمّا عزل عن ولاية مصر، فأمر بقتله عند ما ولي مصر سنة ٣١١ للمرّة الثالثة.
(٤) الأبناء: رجالات الدولة العبّاسيّة من الخراسانيّين (دائرة-

<<  <  ج: ص:  >  >>