يا نسيما هبّ مشكور الريا ... أهدت الأشواق مسراه إليّ
وبريقا لاح من جوّهم ... حاكيا ذاك السنا من ثغر ميّ
آه من شوقي إلى من قد غدا ... بصري يلقاهم في كلّ شيء
وإذا لم يجتلبهم ناظري ... أي نفع لي إذن في ناظريّ
لو قطعت الدهر وصلا كان لي ... قدر ما يثبت للطائر فيّ
وقال [الكامل]:
وصلت وفيها حاجتي مقضيّة ... فقضي الإله لك الحوائج كلّها!
يا من إذا ضاقت عليّ مطالبي ... وتعقّدت رفعت إليه فحلّها
وقال [الخفيف]:
ما على الصبّ في المحبّة عار ... إنّما العار سلوة أو قرار
ما لنا في هواكم قطّ عذر ... ولكم في وصالنا أعذار
تارة خيفة الرقيب ووقتا ... حسن دلّ منكم وحينا نفار
كلّ هذا يلذّ ما لم تملّوا ... ملل الإلف ما عليه اصطبار
كيف شئتم كونوا سوى الصدّ عنّي ... فصدود الأحباب للقلب نار [١٨٢ ب]
وقال [البسيط]:
ناشدتك الله يا هطّالة السحب ... إلّا حملت تحيّاتي إلى حلب
لكنّ أعظم ما ألقاه من ألم ... كوني أموت، ولا تدري الأحبّة بي
لا أرضى للشوق أن يجري على قلم ... ماذا عسى يشرح المشتاق في الكتب؟
أحبابنا لا تلوموني على قلقي ... كيف القرار، وخيل الشوق في الطلب؟
خذوا أحاديث أشجاني معنعنة ... عن الغرام عن الأنفاس عن كربي
[١٧٥ ب] وحدّثوا بمواجيدي على ثقة ... فالوجد أصدق أنباء من الكتب
٧٤٧ - المزنيّ صاحب الشافعيّ [١٧٥ - ٢٦٤] (١)
[١٧٠ أ] إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن إسحاق، أبو إبراهيم المزنيّ- بضم الميم وفتح الزاي وبعدها نون- نسبته إلى مزينة بنت كلب بن وبرة، وهي أمّ عمرو وأوس ابني أدد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار- ناصر مذهب الإمام الشافعيّ.
ولد سنة خمس وسبعين ومائة. وحدّث عن الشافعيّ ونعيم بن حمّاد.
وروى عنه أبو بكر بن خزيمة، وأبو جعفر الطحاوي، وزكريا الساجيّ، وابن جوصا، وعبد الرحمن بن أبي حاتم.
وكان مناظرا محجاجا. قال في حقّه الشافعيّ:
لو ناظره الشيطان لغلبه.
وكان زاهدا ورعا متقلّلا من الدنيا مجاب الدعوة. وإذا فاتته الصلاة في جماعة صلّاها خمسا وعشرين مرّة، استدراكا لفضيلة الجماعة، مستندا في ذلك إلى قوله صلّى الله عليه وسلم: صلاة الجماعة أفضل من
(١) وفيات ١/ ٢١٧ (٩٣)؛ الوافي ٩/ ٢٣٨ (٤١٤٥)؛ طبقات السبكي ٢/ ٩٣ (٢٠)؛ ويكاد المقريزيّ ينقل عنها حرفيّا؛ النجوم ٣/ ٢٩.