للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

به حميضة وصار يركب معه للصيد ويبيت عنده.

فشقّ ذلك على صاحبيه. وأقاما على مضض، إلى أن بلغهما أنّ السلطان بعث إلى مكّة الأمير بيبرس الحاجب بدلا من آق سنقر شادّ العمائر، ليقيم عند الشريف عطيفة، حماية له من هجوم حميضة عليه. [ف] أخذا في تعنيف الشابّ وحسّنا له قتل حميضة. فمال إلى قولهما وترصّد حميضة حتّى نام، وجلس يغمز رجليه. فلمّا تمكّن منه النوم أشار لصاحبيه، فدخل أسندمر منهما وضربه بسيفه فقدّه نصفين وحزّ رأسه. وركب فرسه «جمعة» - وكانت من عتاق الخيل- وسار برفيقيه إلى مكّة.

فسرّ الشريف عطيفة والأمير بيبرس بقتل حميضة.

وبعث بأسندمر ورفيقيه مع ولده ناصر الدين محمد بن بيبرس إلى السلطان. فأنكر قتل حميضة وقال: كنت أريد حضوره حيّا، وما أحبّ أن يقال إنّي عجزت عنه حتّى قتله غيري.

وأمر بقتل الثلاثة فما زال الأمراء به حتى عفا عن الاثنين وضرب عنق أسندمر قاتل حميضة.

وكان قتل حميضة [ ... ] سنة عشرين وسبعمائة.

وكان كريما شجاعا وافر الحرمة لا يتجاسر أحد في أيّامه أن يتعدّى طوره، حتّى إنّه قتل إنسانا لكونه أخذ رطبا من نخل وجده مطروحا بالبرّيّة.

فكان الناس بعد ذلك يمرّون بالذهب فلا يتعرّضون له خوفا من سطوته.

١٣١٢ - حمير بن سبإ (١)

حمير- ويقال له: العرنجح- بن سبإ الأكب- وهو عامر عبد شمس- ابن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود- نبيّ الله-[و] أخو عاد بن عابر بن

شامخ بن أرفخشد بن سام بن نوح.

عهد إليه أبوه عبد شمس بالملك، وجعل لأخيه كهلان بن عبد شمس المشورة كما قد ذكرته في ترجمة سبأ (٢). فكان حمير أوّل من لبس التاج الذهب. ورثى أباه بأبيات طويلة- وهي أوّل مرثية قيلت في العرب وأوّلها [متقارب]:

عجبت ليومك ماذا فعل ... وسلطان عزّك كيف انتقل [٤١٩ ب]

ثمّ جمع الجيوش، وسار من اليمن يطأ الأمم ويدوس الأرضين وهو يوغل في المشرق حتى أبعد يأجوج ومأجوج إلى مطلع الشمس. ثمّ قفل نحو المغرب، فأتته قبائل من اليمن من بني هود النبيّ عليه السلام، يشكون إليه ثمود بن غاثر بن إرم بن سام بن نوح، وما نزل بهم من ظلمهم وعسفهم. ووافاه رسول أخيه بابليون بن سبإ يستدعيه لنصرته على بني حام، فإنّهم لمّا أتاهم موت سبإ عتوا على مدينة مصر واستعانوا بإخوتهم بني ماريع بن كنعان بن حام، فأتوهم من الشام- وبها كانت منازلهم- وبعثوا إلى إخوتهم الحبشة أولاد كوش بن حام، وهم نزول على النيل، إلى بلاد النوبة، فصاروا يدا واحدة يريدون خراب مصر. فبعث حمير بنقل ثمود وإنزالهم بأيلة فنزلوها وامتدّوا من أيلة إلى ذات الإصاد إلى أطراف جبل نجد، فقطعوا الصخور ونحتوا من الجبال بيوتا.

ونزل حمير بدمشق ونصب لحرب بني ماريع بن كنعان حتّى أثخن فيهم، وأجرى على من بقي منهم الخراج وفرض عليهم الإتاوة في كلّ سنة يحملونها إليه. ففرّت الحبشة من أرض مصر حتى نزلت حيث هي الآن.


(١) جواد عليّ: ١/ ١٧ - الإكليل ٨/ ١٧٩ - كتاب التيجان في ملوك حمير، حيدرآباد ١٣٤٧ ص ٥١ - الطبريّ، ١/ ٢١١ - جمهرة ابن حزم، ٤٣٢.
(٢) ترجمة سبأ مفقودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>