للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا أدبرت كانت على المرء حسرة ... وإن أقبلت كانت كثيرا همومها

ثمّ دمعت عيناه ساعة، فكأنّه نظر إلى الغيب من ستر رقيق. وكان كما قال.

وجرح مرّة بالرمح في وجهه فقال السراج الورّاق [الكامل]:

عجبا لرمح في يمينك طرفه ... من جرأة فيه لطرفك طامح

ولو أنّه في غير كفّك ما ارتقى ... يوما ولو كان السماك الرامح

وقال فيه علاء الدين [٣٢٢ ب] عليّ بن المظفّر الوداعيّ [الكامل]:

عمرت بعد لكم البلاد وأقبلت ... فترى ربوعا أو ربيعا أخضرا

والناس كلّهم لسان واحد ... داع: أدام الله دولة بيدرا!

[حبّه للكتب والغناء]:

وكان يرجع إلى دين وعقل وعدل، ويحبّ الكتب في أنواع العلوم، واقتنى منها جملة واستنسخ أيضا جملة. وكان يحبّ الفضلاء ويقدّمهم ويكرمهم. وكان حسن الوجه مهابا مأمون الغائلة سهل العريكة بشوشا لطيفا ظريفا حسن الأخلاق محبّبا إلى الناس، له شغف زائد بالطرب: وجد له بعد موته ستّون جارية ما فيهنّ إلّا من تتقن صناعة. وكان له نديم أعمى لا يكاد يفارقه. وكان يحبّ التأنّق في المآكل ويعتني بها، حتى إنّه لمّا سافر مع السلطان إلى قلعة الروم أراد السلطان أن يطعم الأمراء حلاوة سكب (١) بمنزلة الورادة وندب الحسام أستادار لذلك، فاحتاجت الحلوى إلى فستق، فوجد صحبة الأمير بيدرا منه

ثمانية أحمال بغير قشر وستّة أحمال بقشر، فبعث منه حملا عملت منه الحلوى وفرّقت على الأمراء.

واشتملت محاسبة إقطاعه بعد قتله فيما بين ورثته وبين الأمير كتبغا- فإنّه أخذ النيابة بعده واستولى على إقطاعه بما فيه من الغلال وغيرها، فشطّب (٢) على المحاسبة من الديوان السلطانيّ- على ستّة آلاف إردبّ قمحا، ومائتي إردبّ برسيما، وثلاثمائة وثمانين رأس بقر، وستّة أحجار معاصر، وأربعة آلاف قطعة قند واثني عشر ألف مطر (٣) عسل، ومائتي قنطار سكّر، وألفي إردبّ فولا، وثلاثمائة ألف درهم فضّة.

١٠١٠ - بيدمر البدريّ [- ٧٤٨] (٤)

[٣٢٣ أ] بيدمر البدريّ، الأمير سيف الدين، أحد المماليك الناصريّة محمد بن قلاوون.

تنقّل في الخدم حتى صار من أمراء الألوف بعد موت الناصر، ثمّ أخرج إلى دمشق فأقام بها إلى أن طلبه الكامل شعبان بن محمد وولّاه نيابة طرابلس عوضا عن الأمير آق سنقر الناصريّ، فلم يكن غير قليل حتى ثار الأمير يلبغا اليحياوي نائب دمشق على الكامل، فقدم عليه ووافقه على ما أراده.

فلمّا زالت دولة الكامل بأخيه المظفّر حاجّي طلبه إلى مصر وولّاه نيابة حلب عوضا عن طقتمر الأحمديّ، فتوجّه إليها. ثمّ طلب فقدم القاهرة وولي نيابة حلب عوضه الأمير أرغون شاه. فلم


(١) السكب أو السكب العثمانيّة: نوع من الحلوى (دوزي).
(٢) شطّب الحاسب دفتره: ختم حسابه بعلامة وكتب تحتها الرقم النهائيّ (دوزي).
(٣) المطر: مكيال للسوائل، فمطر الزيت بتونس كان يساوي نحو عشرين ليترا (دوزي).
(٤) أعيان العصر ٢/ ٩٨ (٥٠٧)؛ الوافي ١٠/ ٣٦٣ (٤٨٥٨)؛ المنهل ٣/ ٤٩٧ (٧٤٨)؛ الدرر ٢/ ٤٦ (١٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>