للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذكّرهم أيّام الماضي.

[دفاعه عن أعماله الشاميّة]

فلمّا بلغ ذا السيفين إسحاق بن كنداج، ومحمّد بن ديوداذ (١) أبي الساج موت أحمد بن طولون طمعا في مملكته ومدّا أيديهما إلى ما قرب منهما من أعماله، وساعدهما على قصدهما [ ... ] ابن بدغياش المستخلف على دمشق.

فخافت غلمان ابن طولون، ومضى أحمد بن صعوبة عن أنطاكية، وأبو جعفر محمد بن إسماعيل العجميّ عن حمص وسارا إلى مصر [٤٤٣ ب].

وكان أمر الشام أهمّ شيء عند أبي الجيش.

وعقد لأبي عبد الله أحمد بن محمد الواسطيّ (٢) على جيش يسير به إلى الشام يوم الخميس سادس ذي الحجّة. ثمّ عقد لسعد الأيسر على جيش آخر في سلخ ذي الحجّة. وبعث بمراكب كثيرة في البحر فأقامت بسواحل الشام. فنزل الواسطيّ فلسطين وهو خائف من أبي الجيش أن يوقع به لأنّه كان أشار بقتل [أخيه] العبّاس بن [أحمد] بن طولون.

فكتب إلى أبي العبّاس أحمد بن أبي أحمد الموفّق يصغّر أمر أبي الجيش ويحرّضه على المسير إليه.

واختلف سعد مع الواسطيّ فتأخّر الواسطيّ بطبريّة، وعبر سعد إلى دمشق وقد انهزم عنها ابن بدغياش. وبعث أبو الجيش بعسكرين آخرين، على أحدهما أبو جعفر أحمد بن أبّا، وقلّده دمشق. فلمّا قدم ابن أبّا طبريّة وبها الواسطيّ دافعه حتى أيس منه وسار إلى دمشق. فرحل سعد بمن معه من العساكر إلى شيزر واجتمع بها زهاء خمسين ألف رجل من البربر وسائر الناس. وكان قد نزل إسحاق بن كنداج ومحمد بن أبي الساج

بحلب، فأقام ابن أبّا بدمشق ولم يظهر ولايته ولا أسقط لسعد دعوة ولا دعا لنفسه، فسار أحمد ابن الموفّق من العراق نحو ابن كنداج وابن أبي الساج حتّى قدم عليهما. فوافاه كتاب الواسطيّ يحرّضه على المسير ويعده بالنصر له. فسار، وإسحاق وابن أبي الساج معه، وطوّقوا عساكر سعد بشيرز على غرّة، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة. وفرّ من نجا منهم- وفيهم سعد- إلى دمشق، فاجتمع به ابن أبّا. ولم يكن بأسرع من هجوم أبي العبّاس [أحمد بن الموفّق على] دمشق فانهزموا عنها إلى طبريّة، وقتل كثير ممّن كان معهم. فأعنتهم الواسطيّ بتوعيره الطرق عليهم فتركوه وساروا إلى الرملة. ثمّ عادوا إلى الواسطيّ وأوقعوا به، فهرب منهم ابن الموفّق. وعادوا إلى الرملة وبعثوا إلى أبي الجيش بالخبر مع ابن أبّا.

[[خروجه إلى الشام وهزيمته بالطواحين سنة ٢٧١]]

فاستخلفه على الفسطاط، وخرج يوم الخميس لعشر خلون من صفر سنة إحدى وسبعين، وقد اختلف ابن الموفّق مع إسحاق بن كنداج ومحمد بن أبي الساج فتركاه وعادا. وأقام بدمشق إلى أن وافى أبو الجيش الرملة، ونزل على نهر أبي فطرس (٣) الذي يعرف اليوم بالطواحين.

وأقبل ابن الموفّق فهاله جيش أبي الجيش، وكانت عدّتهم نحو سبعين ألفا، وليس معه إلّا أربعة آلاف. وقال لابن الواسطيّ: ويحك! غررتني ولم تنصحني، ما تفي عدّتي والله بهذه العدّة!

فقال له الواسطي: لا يغرّنّك هذا، ولا يكثر في عينك! أكثرهم عامّة ما بين بقّال وحائك وفاعل.


(١) ديوداذ اسم لابن لمحمد ابن أبي الساج: الكامل ٧/ ٤٢٢ (سنة ٢٧٣).
(٢) الواسطي له ترجمة في إضافات الأحمدين رقم ٦٩٤/ ٢٩.
(٣) نهر أبي فطرس أو الطواحين: ذكره ياقوت ٥/ ٣١٥ وأشار إلى الوقعتين وقعة عبد الله بن علي العبّاسيّ مع مروان الجعدي (انظر المقفى ٤/ ٣٣٢) وهذه الوقعة بين أحمد بن طولون والمعتضد.

<<  <  ج: ص:  >  >>