للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[ولايته مصر]]

ثمّ ولّاه أبوه مصر بعد موت عبد العزيز بن مروان، وجعل إليه الصلاة والخراج معا، فدخل الفسطاط يوم الاثنين لإحدى عشرة خلت من جمادى الآخرة سنة ستّ وثمانين، وهو يومئذ ابن سبع (١) وعشرين سنة، وقد تقدّم إليه أبوه أن يعفّي (٢) آثار عمّه عبد العزيز. فاستبدل بالعمّال وبالأصحاب. ونقل عبد الرحمن بن معاوية بن حديج إلى الإسكندريّة، وجعل على الشرط عمران بن عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة (٣)، وجمع له القضاء والشرط.

وتوفّي عبد الملك بن مروان في شوّال من سنة [٨٦] وبويع بعده ابنه الوليد بن عبد الملك، فأقرّ [٢٣١ ب] أخاه عبد الله على صلاة مصر وخراجها.

وأمر عبد الله بالدواوين فنسخت بالعربيّة، وكانت قبل ذلك بالقبطيّة، وصرف أشناس (٤) عن الديوان وجعل عليه ابن يربوع الفزاري (٥). ومنع أيضا من لبس البرانس وذلك في سنة سبع وثمانين.

وفي أيّامه غلت الأسعار بمصر فتشاءم الناس به لأنّها أوّل شدّة رأوها بمصر، ورموه بأنّه ارتشى وكثروا عليه القول وسمّوه مكيس (٦).

ووفد عبد الله إلى أخيه الوليد في صفر سنة ثمان وثمانين، واستخلف على الفسطاط عبد الرحمن بن عمرو بن قحزم (٧)، والناس يومئذ في

شدّة عظيمة. فقال زرعة بن سعد الله بن أبي زمزمة الخشنيّ يهجو عبد الله [الطويل]:

إذا سار عبد الله من مصر خارجا ... فلا رجعت تلك البغال الخوارج!

أتى مصر والمكيال واف مغربل ... فما سار حتّى سار والمدّ فالج

طويل القميص فاحش عند رجله ... دقيق القصيرى مخدجيّ حدارج (١*)

وصرف عبد الله عن الشرط والقضاء عمران بن عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة في صفر سنة تسع وثمانين، وجعل مكانه على الشرط عبد الأعلى ابن خالد بن ثابت الفهميّ، وعلى القضاء عبد الواحد بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج.

وأمر بسقف الجامع فرفع وكان مطأطأ (٢*).

[[مخاصمته موسى بن نصير]]

وكان موسى بن نصير (٣*) يكاتب عبد العزيز بن مروان، فلمّا مات وولي عبد الله مصر بعده لم يكاتبه وكاتب عبد الملك بن مروان، فكتب إليه عبد الله:

أمّا بعد، فإنّك كنت من عبد العزيز وبشر بين مهادين يقلّك من الحضيض مهودهما (٤*) ويدفئك دثارهما حتى عفا مخبرك وسمت بك نفسك، فلا تحسبنّي كمن كنت تخلّيه وأعداء بيته، وتقول


(١) في الخطط، ١/ ٣٠٢: تسع وعشرين.
(٢) في الخطط: أن يقتفى، واثرنا الإبقاء على ما في المقفّى وفي كتاب الولاة.
(٣) الكندي يضيف: حليف بني زهرة.
(٤) الكندي: عبد الله أشناس، وفي الخطط ١/ ٩٨: أنتانس.
(٥) الكندي يضيف: من أهل حمص، وكذلك الخطط.
(٦) نكيس حسب السيوطي: حسن المحاضرة ١/ ٥٨٧.
(٧) الخولانيّ في الخطط.
(١*) الكندي ٥٩ أورد البيتين الأوّلين فقط. والقصيري هي أقصر الضلوع، أو هي أعلى العنق، وهو أنسب للهجاء.
والمخدج من الأولاد هو ناقص الخلق. والحدرج والحدرجان هو قصير القامة.
(٢*) وذلك في سنة ٨٩ (الكندي).
(٣*) وكانت ولاية موسى سنة ٧٨ استعمله عليها عبد العزيز بن مروان، وهو حينئذ على مصر لأخيه عبد الملك (الكامل ٤/ ١١٣).
(٤*) في كتاب الولاة ٦٠: تعلو عن الحضيض. والمهود ج مهد وهو السرير.

<<  <  ج: ص:  >  >>