قال: أنا غلامك وخادمك. لمّا مات الشيخ، ركب كلّ أحد هواه فأخذوا من جانب المملكة ما استوى لهم، وأخذت أنا ما ترى معي. وأنا عبدك وخادمك جئت أطلب الثغر أقيم فيه وأجاهد في سبيل الله. فقال لي العلماء: ما يقبل الله منك صرفا ولا عدلا حتى ترجع إلى مواليك وتضع يدك في أيديهم فيحكموا فيك وفيما معك. وقد جئتك فأمرني بما أحببت.
فقال إبراهيم: إن كنت صادقا فيما تقول فأنت حرّ لوجه الله تعالى، وكلّ ما معك فهو لك، إذ جئت لتنفقه في هذا الوجه.
ثم التفت إلى صاحبه بعد أن قال للخادم ما قال: قم اخرج عنّي ويحك، وخذ هذه الكتيبات، وجئنا بشيء نأكله!
وقال مضاء بن عيسى: ما فاق إبراهيم بن أدهم أصحابه بصوم ولا صلاة، ولكن بالصدق والسخاء.
وقال إبراهيم بن يسار: اجتمعنا ذات يوم في مسجد، فما منّا أحد إلّا تكلّم بشيء، إلّا إبراهيم بن أدهم فإنّه ساكت. فلمّا تفرّق الناس عاتبته على ذلك فقال: الكلام يظهر حمق الأحمق وعقل العاقل.
قلت: فلم لم تتكلّم؟
فقال: إذا اغتممت [ف] السكوت أحبّ إليّ من أن أندم للكلام.
وقال يحيى بن يمان: كان سفيان إذا رأى إبراهيم بن أدهم تجوّز في كلامه.
وعن ابن مهديّ قال: لقي سفيان إبراهيم بن أدهم، فتسامرا ليلتهما حتى أصبحا.
وعن إبراهيم بن بشّار خادم إبراهيم بن أدهم قال: أوصانا إبراهيم بن أدهم قال: أقلّوا معرفتكم من الناس ولا تعرّفوا إليّ من لم تعرفوه، وأنكروا من تعرفون.
وقال: فرّوا من الناس كفراركم من السبع الضاري ولا تتخلّفوا عن الجمعة والجماعة.
وقيل له: لقد أسرع إليك الشيب في رأسك.
قال: ما شيّب رأسي إلّا الرفقاء.
وعن أبي معاوية الأسود وعلي بن بكّار: كنّا بمكّة مع إبراهيم بن أدهم فإذا بقاتل خاله قد لقيه بمكّة، فسلّم عليه وأهدى إليه هديّة، فقيل له: قتل خالك وتهدي إليه وتسلّم عليه؟
قال: تخوّفت أن أكون قد روّعته، فإنّه بلغني أنّه لا يكون العبد من المتّقين حتى يأمنه عدوّه.
[[كلمات له مأثورة]]
وعن شقيق بن إبراهيم قال: أوصى إبراهيم بن أدهم قال: عليك بالناس، وإيّاكم من الناس، ولا بدّ من الناس، فإنّ الناس هم الناس، وليس الناس بالناس، ذهب الناس وبقي النّاس. وما أراهم بالناس، إنّما هم غمسوا في ماء الناس.
قال إبراهيم: أمّا قولي: عليك بالناس، فمجالسة العلماء. وأمّا قولي: إيّاك والناس: إيّاك ومجالسة السفهاء.
وأمّا قولي: لا بدّ من الناس: لا بدّ من الصلوات الخمس والجمعة، والحجّ، والجهاد، واتّباع الجنائز، والشراء والبيع ونحوه.
أمّا قولي: الناس هم الناس: الفقهاء والحكماء.
وأمّا قولي: ليس الناس بالناس: أهل الأهواء والبدع.
أمّا قولي: ذهب الناس: ذهب النبيّ صلّى الله عليه وسلم وأصحابه.