للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ [العنكبوت: ١ - ٣]، وعدا من الله [لا يخلفه]، وحكما لا يبدّله، في الأوّلين من عباده والآخرين، إلى يوم الدين. فكانت بحمد الله ونعمته على أعدائنا فتنة أصمّتهم وأعمتهم، وأضلّتهم وأردتهم، ولنا ولأوليائنا محنة أكسبتنا أجرا، وأعقبتنا عزّا وفخرا، كان وجهها شتيما، وعقباها كريما، لما أراده الله عزّ وجلّ من تجديد دولتنا وإعزاز أمرنا، وتكفّله بنصرنا، تثبيت أوليائنا، ومحق أعدائنا، حتّى انتهت منتهاها، وبلغت أقصى مداها، فجلّى الله ظلمها، ونوّر بهمها (١) وكشف غمّاءها، وصرف لأواءها، على يديّ، كرامة من الله خصّني بها، وفضيلة حباني بشرفها، ونعمة منه عليّ وعلى آبائي الطاهرين، الأئمّة المهديّين.

«تظافر [ت] عليّ جيوش المنافقين، الكفرة المارقين فخذلها، وطمحت العيون نحوي فطمسها، ورفعت الرءوس إليّ فطأطأها، وشمخت الأنوف فأرغمها، وصعّرت الخدود فأضرعها، وأبى جلّ جلاله إلّا تمام أمري، وإعزاز نصري، وإنجاز وعده محمّدا رسوله عليه السلام، بإعزاز ملّته، وإظهار حجّته، ونصر الأئمّة من ذرّيّته.

[[الإشادة بكتامة]]

«يا أهل دعوتنا، وأنصار دولتنا، يا كتامة! احمدوا الله واشكروه على ما خصّكم به وفضّلكم على كافّة الخلق، في غرب وشرق. وبدأكم بالنعمة العظمى، ثمّ شفعكم بالمنّة الكبرى، ووالى بينهما عليكم من نعمه ما لا يحصى:

علّمكم، والناس جهّال، وهداكم، والعباد ضلّال، إلى نصرة حقّه وطاعة وليّه، علم الهدى، وسراج الدجى، قطب الدين ونجل النبيّين (٢)، ففزتم بالسبق إلى نصرته، والسعي في طاعته، حتّى إذا قضى الله بزلزال البلاد، واختبار العباد، [و] زلزلت الأقدام، وجلّل الأرض الظلام، وعظمت الخطوب، واشتدّت الكروب، عصمكم الله وهداكم، وثبّت أقدامكم، وجلّاها عنكم خاصّة، وعن العباد كافّة، بنا وبأيدينا، فكانت على العباد حجّة، وعليكم نعمة، لتزدادوا إيمانا فيزيدكم إحسانا، فانجلت والله عنكم وأنتم بيض الوجوه، موفون بعهد الله، معتصمون بحبل الله، مجاهدون في سبيل الله، أحياؤكم سعداء، وأمواتكم شهداء عِنْدَ [١٩٨ أ] رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران: ١٦٩] فهنيئا لكم هنيئا!

«اللهمّ إني عبدك، اخترتني وارتضيتني، وشرّفتني بما أورثتني من مقام أصفيائك وخلافة أوليائك، وأغنيتني وأفقرت الخلق في دينهم ودنياهم إليّ، وأنعمت بي، ولم تجعل لأحد عليّ منّة سواك، وأقمتني لإحياء حقّك، والشهادة على خلقك، فإنّي لا أقول إلّا حقّا، ولا أنطق إلّا صدقا. وقد بلغني عن آبائي عن جدّنا محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أنّه قال: «ما من خطيب يخطب إلّا وقفه الله يوم القيامة فيسأله عن كلّ كلمة وما أراد بها». فو عزّتك وجلال [ت] تك، وعلوّ مكانك وعظمتك ما هبت عدوّا، ولا ملقت (٣) وليّا ولا شكرت على النعماء أحدا سواك.

«وقد أصبحت راضيا عن كتامة لاعتصامهم بحبلك، وصبرهم على البأساء والضرّاء في


(١) البهم بضمّتين: جمع البهيم، وهو الحالك الأسود المظلم.
(٢) هكذا في المخطوط. وعند الداعي إدريس، ٤٨٥:
وحبله المتين.
(٣) ملقه (وزن نصر) وملق (وزن فرح) ومالقه: تملّقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>