للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان صالحا خيّرا مؤدّبا، سمع منه الناس.

وتوفّي يوم الجمعة لأربع خلون من ربيع الأوّل سنة اثنتين وستّين وثلاثمائة.

والقبري بفتح القاف وسكون الباء الموحّدة ثمّ راء مهملة، نسبة إلى قبرة: بلد [يبعد] عن قرطبة بنحو ثلاثين ميلا.

١٨٢٨ - أبو العبّاس المخطوم [- ٢٩٨]

محمد بن أحمد بن محمد بن زكريا أبو العبّاس، أخو أبي عبد الله الشيعيّ، ويعرف بابن أبي الملاحف (١).

وكان أسنّ من أخيه أبي عبد الله وأعلم، وكان أبو عبد الله أرجع عقلا وأكثر دينا.

ولم يزل هو وأخوه أبو عبد الله يدعوان إلى مذهبهما وينتقلان في الأقطار حتّى نزلا بسلميّة من أرض الشام، واتّصلا بعبيد الله المهديّ (٢)، فخرج أبو عبد الله إلى اليمن، وسار منها حتّى اتّصل بكتامة أهل المغرب، وترك أبا العباس مقيما عند عبيد الله المهدي بسلميّة حتى استقام الأمر لأبي عبد الله مع كتامة، وبعث إلى المهديّ يبشّره بما فتح الله له.

فخرج المهديّ من سلميّة ومعه ابنه وأتباعه، وفيهم أبو العبّاس، فنزلا مصر وأقاما بها. ثمّ خرج

الجميع يريدون القيروان فقدّم المهدي أبا العبّاس بين يديه، ببعض ما معه وأمره أن يلحق بكتامة.

فلمّا وصل أبو العبّاس إلى القيروان وجد الخبر قد سبقه إلى زيادة الله بن الأغلب صاحب إفريقيّة بخبر المهديّ، فسأل عنه رفقته فأخبروه أنّ المهديّ تخلّف بطرابلس، وأنّ صاحبه أبا العبّاس بالقيروان. فأخذ أبو العبّاس وقرّر، فأنكر وقال:

«أنا رجل تاجر صحبت رجلا في القفل»، فحبسه زيادة الله.

فبعث أبو العبّاس إلى المهديّ يخبره بما وقع، فتوجّه إلى قسطيلية ثمّ إلى سجلماسة، فقبض عليه كما قد ذكر في ترجمته (٣). فأقام أبو العبّاس محبوسا بالقيروان مدّة، ثمّ فرّ إلى طرابلس وأقام بها إلى أن انهزم زيادة الله وهرب يريد مصر، فنزل طرابلس وأحضر أبا العبّاس وقرّره هل هو أخو أبي عبد الله؟ فأنكر وقال: أنا رجل تاجر قيل عنّي إنّي أخو أبي عبد الله فحبست.

فقال له زيادة الله: أنا أطلقك فإن كنت صادقا في أنّك تاجر فلا مأثم فيك، وإن كنت كاذبا وأنت أخو أبي عبد الله فليكن للصنيعة عندك موضع، وتحفظنا فيمن خلّفناه.

وأطلقه، وسار أبو العباس إلى أخيه أبي عبد الله وقد ملك رقّادة، ففرح به، واستخلفه على إفريقيّة ومعه أبو زاكي، وسار لإخراج المهديّ من سجن اليسع بسجلماسة إلى أن أخرجه وأحضره إلى رقّادة وسلّم إليه الأمر. فاستبدّ المهديّ بالأمور ولم يجعل لأبي عبد الله ولا لأخيه أبي العبّاس من الأمر شيئا.

فدخل أبا العبّاس الحسد وعظم عليه الفطام عن الأمر والنهي، والأخذ والعطاء. وأقبل يزري على


(١) ابن أبي الملاحف داع رافق أبا عبد الله من اليمن إلى بلاد كتامة بأمر من ابن حوشب داعي اليمن، كما مرّ في ترجمة أبي عبد الله رقم ١٢٢٤.
(٢) المعروف أنّ أبا عبد الله لم ير المهديّ قبل تخليصه من سجن سجلماسة. (انظر ص ١٢٥ من مجلّة كلية الآداب بالجامعة المصريّة، مجلّد ٤، جزء ٢، ديسمبر ١٩٣٦:
سيرة جعفر الحاجب). والمصادر الأخرى لا تذكر اتّصالا سابقا بين الداعي والمهديّ.
(٣) أي: ترجمة المهدي عبيد الله (رقم ١٥٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>