للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وثار أهل الكوفة أيضا بعمرو بن حريث خليفة ابن زياد عليهم، وأقاموا عمر بن سعد وكتبوا لابن الزبير ببيعتهم فأقرّه. ثمّ بعث إليهم عبد الله بن يزيد الخطميّ الأنصاريّ على الصلاة، وإبراهيم بن محمّد بن طلحة على الخراج. واستعمل محمد بن الأشعث بن قيس على الموصل.

فاجتمع له أهل الكوفة وأهل البصرة ومن بالقبلة من العرب وأهل الجزيرة وأهل الحجاز وأهل اليمن وأهل مصر وأهل الشام، إلّا أهل الأردنّ. فإنّ حسان بن مالك بن بجدل الكلبيّ قام بالأردنّ يدعو إلى بني أميّة. فاجتمع الحصين بن نمير، وعبيد الله بن زياد، وروح بن زنباع [الجذامي]، وحسّان بن بجدل، وبايعوا مروان بن الحكم بالجابية لثلاث خلون من ذي القعدة [سنة أربع وستّين].

وأوقع [مروان] بالضحّاك بن قيس، واستولى على دمشق وحمص وقنّسرين. وسار إلى مصر في سنة خمس وستّين وقاتل ابن جحدم وأخرجه منها، وبايعه أهلها.

وبعث جيش بن دلجة على جيش لقتال ابن الزبير. وعاد إلى الشام فمات في رمضان منها، وبويع بعده ابنه عبد الملك بن مروان.

[[القطيعة مع الخوارج]]

ولمّا دعا ابن الزبير إلى نفسه اجتمع الخوارج الذين معه وقالوا: إنّ الذي صنعنا أمس لغير رأي:

قاتلنا مع رجل لا ندري، لعلّه ليس على مثل رأينا، وكان أمس يقاتلنا هو وأبوه وينادي: يا لثارات عثمان! فأتوه فاسألوه عن عثمان، فإن برئ منه كان وليّكم. وإن أبى كان عدوّكم.

فأتوه فسألوه. فنظر فإذا أصحابه حوله قليل.

فقال: إنّكم أتيتموني حين أردت القيام. ولكن روحوا العشيّة حتى أعلمكم!

فانصرفوا. وبعث إلى أصحابه فجمعهم حوله بالسلاح. وجاء الخوارج وأصحابه حوله، وعلى رأسه قوم منهم بأيديهم العمد. فقال نافع بن الأزرق لأصحابه: إنّ الرجل قد أزمع خلافكم.

وتقدّم إليه القوم. فقال له عبيدة بن هلال، بعد حمد الله: أمّا بعد، فإنّ الله بعث محمّدا صلّى الله عليه وسلّم يدعو إلى عبادته وإخلاص الدين له، فدعا إلى ذلك فأجابه المسلمون، فعمل فيهم بكتاب الله حتى قبضه الله. واستخلف الناس أبا بكر، واستخلف أبو بكر عمر، وكلاهما عمل بالكتاب والسنّة. ثم إنّ الناس استخلفوا عثمان فحمى الأحماء، وآثر القربى، ورفع [١٤٧ أ] الدرّة، ووضع السوط، ومزّق الكتاب، وضرب منكري الجور، وآوى طريد رسول الله وطرد السابقين بالفضل وحرمهم، وأخذ فيء الله الذي أفاءه عليهم فقسمه في فسّاق قريش ومجّان العرب، فسارت إليه طائفة فقتلوه.

فنحن أولياؤهم، ومن ابن عفّان وأوليائه برءاء.

فما تقول أنت، يا ابن الزبير؟

فحمد الله ثمّ قال: قد فهمت الذي ذكرتم به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. فهو فوق ما ذكرت وفوق ما وصفت، وفهمت الذي ذكرت به أبا بكر وعمر وقد وفّقت وأصبت. وفهمت الذي ذكرت به عثمان. وإنّي لا


- عمرو «ذي الرمحين» بن المغيرة بن عبد الله بن مخزوم بن يقظة بن مرّة بن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فهر- وهو قريش. قيل له «قباع» لأنّ عبد الله بن الزبير لمّا استعمله على البصرة مرّ بالسوق فرأى مكيالا فقال:
«إنّ مكيالكم هذا لقباع». والقباع الذي له قعر واسع.
فسمّاه أهل البصرة القباع، وفيه يقول أبو الأسود الدؤلي [الوافر]:
أمير المؤمنين فدتك نفسي ... أرحنا من قباع بني المغيرة
وفي البيان ١/ ١٩٦: والقباع: الواسع الرأس القصير.

<<  <  ج: ص:  >  >>