للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المال وغيره. فأجاب بأنّه لا قدرة له على المال إلّا من دملوة، صمّم على ذلك وأشهد على نفسه بقضاة بلده أنّه عاجز عن القيام بالعسكر لخراب بلاده وعدم قدرته على المال، وقد أذن لهم في الرحيل، وأنّه عاجز أيضا عمّا وعد به السلطان في كتبه إليه. وكتب خطّه مع شهادة قضاته. فرحل العسكر عائدا بخفّي حنين إلى أن قدم مكّة حادي عشر رمضان وقد تلفت دوابّهم وهلك أكثرها.

وساروا منها ثاني شوّال فقدموا القاهرة يوم [٢٧٢ أ] الخميس أوّل ذي القعدة، وصعدوا قلعة الجبل يوم الاثنين خامسه. فخلع على الأمراء كوامل مطرز زركش وحوائص. وقد توحّش ما بين بيبرس وطينال. وذكر بيبرس أنّ ذخيرته كانت ثلاثين ألف دينار مصريّة لم يتأخّر منها غير ألف دينار وأربعة آلاف درهم، وأتلف [ت] البقيّة في هذه السفرة.

فلمّا كان يوم الاثنين تاسع عشر ذي القعدة المذكور طلع بيبرس إلى الخدمة على عادته وتوجّه إلى دار النيابة، [ف] قال له الأمير أرغون النائب:

قد رسم السلطان أن تتوجّه إلى نيابة غزّة- فلم يوافق، فقبض عليه وسجن. وأنعم بخبزه على ألماس الحاجب، وبخبز ألماس على طينال، وفرّق خبز طينال على جماعة من المماليك السلطانيّة.

وسبب قبضه أنّ طينال وشى به إلى السلطان أنّ المجاهد صاحب اليمن حمل إليه في الليل حملين ذهبا، وأن ابنه أخذ من بهادر الصقريّ خاتمين ياقوت لا قيمة لهما وأخذ سيفه وحياصة وفيها أربعة أحجار ياقوت ولعل (١). وكان السلطان قد علّق آماله بما وعده به المجاهد من المال. فلمّا [٢٦٩ أ] عاد العسكر بغير شيء وبلغه هذا عن بيبرس لم يطقه [ف] قبض عليه وقيّده، وسلّم

خازن داره وكاتبه إلى الأمير الوزير مغلطاي الجمالي ليعاقبهما على إحضار الحملين الذهب والحياصة والخاتمين.

فأمّا الخاتمان فكان علي بن بيبرس قد أخذهما من الصقريّ وباعهما في القاهرة بمبلغ خمسمائة درهم. فتتبعهما حتى أحضرهما، فإذا أحدهما بفصّ ياقوت أصفر. والحياصة والسيف كان المجاهد قد أنعم بهما على أحد مماليك بيبرس.

فلم يرهما السلطان بذلك الوصف، فتبيّن له كذب طينال. فأمر بتخفيف القيد عن بيبرس.

وما زال في السجن حتى أفرج عنه بعد تسع سنين في يوم الاثنين ثاني عشرين رجب سنة خمس وثلاثين [وسبعمائة]، وأنعم عليه بإمرة آقسنقر شادّ العمائر. ثمّ نقل في سنة تسع وثلاثين على إمرة بدمشق (٢).

٩٩٤ - بيبرس الجالق العجميّ [- ٧٠٧] (٣)

[٣٠٨ أ] بيبرس العجميّ، المعروف بالجالق، الأمير ركن الدين، الصالحيّ، النجميّ، أحد المماليك الصالحيّة نجم الدين أيّوب.

... وتوفّي سنة سبع وسبعمائة عن ثمانين سنة بمدينة الرملة، وحمل إلى القدس، وهو آخر من بقي من الصالحيّة. وكان شجاعا مقداما، إلّا أنه ما حضر مصافّا إلّا وكان أوّل من انهزم منه بعد ما يبلي


(١) اللعل: حجارة كريمة حمراء (دوزي).
(٢) في السلوك ٢/ ٦٣٧: مات بها في رجب ٧٤٣، وفي آخر الترجمة تعليق بخطّ شبيه بخط المقريزي: أرّخ الصفدي وفاته بشهر رجب سنة ٧٤٣.
(٣) المنهل ٣/ ٤٧٤ (٧١٩)؛ الدرر ٢/ ٤١ (١٣٧٦)؛ الوافي ١٠/ ٣٤٨ (٤٨٤٢)؛ والأعيان ٢/ ٧٨ (٤٩٥)؛ السلوك ٢/ ٤٠؛ النجوم ٨/ ٢٢٧ وفيها: الجالق كلمة تركيّة تعني الفرس الفرة. ولم نجدها في معجم أذي شير، وفي اللسان: الجلّافة من الرجال من لا لحم له.

<<  <  ج: ص:  >  >>